صحافي ينبش ذاكرته: حين آمنت بـ”رب” نيني وبوعشرين
حين التحقت بمكتب يومية “العلم” بالدار البيضاء، بداية 1996، وفي سياق قرائتي للجريدة يوميا، سأغرم بركن كان يُنشر بالصفحة الأخيرة لـ”العلم” يحمل اسم “بنات أفكار”.
كان صاحب هذا الركن لا يطيل الكتابة، لكن الجمل التي كان يسطرها كانت تترك في أحاسيسي لذة خاصة. كان كاتب هذا الركن هو رشيد نيني.
اقتحم نيني عالم “العلم” ككاتب لمقاطع شعرية، وحسب معلوماتي، فإن الذي احتضنه وفتح له الطريق هو العربي الصبان (كبير فناني الكاريكاتير).
التقيت رشيد نيني في ذاك الزمان مرة أو مرتين. تبادلنا بعض الكلمات، وما كان يهمني حينها (أي خلال سنة 1997) هو أن أبلغه إعجابي بـ”بنات أفكاره”.
ثم بعدها لم أره ولم أسمع عنه حتى صادفته على شاشة القناة الثانية يقدم برنامج “نوستالجيا”. وحين التحقت بـ”الصباح” سأكتشف أن نيني مر من هناك في عهد طلحة جبريل (واحد من أبرز قدواتي عن بعد)، قبل أن يعود إلى الصباح بعمود أسبوعي يحمل اسم “ألعاب بلا حدود”، ثم بعدها عمود أسبوعي ثم يومي يحمل اسم “شوف تشوف”.
رشيد نيني رجل متحفظ فوق العادة. ابتسامة. كلمتان أو ثلاثة ثم انتهى الموضوع. ربما لديه أصدقاءه الخاصين. والأكيد أن له عالم خاص يعيشه غالبا لوحده، فقط لوحده.
خلال سنة 2005، كان من حين إلى آخر يُسمعني نيني أنه بصدد التفكير في إطلاق جريدة “ماكادورش”. اشتدت “وسوساته” في أذني خلال سنة 2006، إلى أن “قرقب علي” في يوليوز من السنة نفسها.
لم أكن أعرف شيئا تقريبا عن شخص توفيق بوعشرين. كنت أعلم فقط بعضا من مساره المهني. مر من “الأحداث المغربية”، وبعدها التحق بـ”الأيام”، وقبل ذلك قضى فترة ما بإحدى منشورات كمال لحلو. إنما حدث أن اتصل بي حين كنت في “الصباح” وطلب مني أن ألتقيه. وفي نهاية المطاف سأكتشف أنه تحدث أيضا إلى ثلاثة أو أربعة زملاء من هيأة التحرير. وكان الغرض من مكالمة بوعشرين هو الالتحاق بمشروع “الجريدة الأخرى”، التي كان بصدد الإعداد لإطلاقها رفقة علي أنوزلا. لكن هذا المشروع الذي كان سيصدر بشكل يومي تحول إلى جريدة أسبوعية، ما فسر عدم إلحاح بوعشرين على مواصلة الحديث معي حينها.
لكن سأفاجأ يوم طلب مني رشيد نيني، أواخر شهر يوليوز 2006، الالتحاق بمقهى “اليكسندراه” بشارع الزرقطوني بالدار البيضاء، بوجود توفيق بوعشرين، إذ تحدث إلي بصفته رئيس تحرير “المساء” المرتقب صدورها.
قال لي بوعشرين على أسماع رشيد نيني وأسماع الزميلة دلال الصديقي التي غادرت الصباح مثلي من أجل عيون تجربة نيني: “سنستغل إسم زميلنا رشيد نيني لنؤسس لتجربة صحفية غير مسبوقة…”.
سأفهم بعدها أن صفقة إدماج تجربة أسبوعية “الجريدة الأخرى” لأنوزلا وبوعشرين مع أسبوعية “تيل كيل” لأحمد رضى بنشمي، فشلت، وأن بنشمي أصر على أن تكون “الدارجة” هي لغة الجريدة، وأن يتم تطبيع المجتمع مع ما يسمى “الطابوهات”، لكن يبدو أن بوعشرين وأنوزلا رفضا هذا الأمر، وابتعدا حينها عن بنشمسي، وعلى إثر ذلك خُلقت “نيشان”، وظهر توفيق بوعشرين رفقة نيني في تجربة “المساء”، وسيلتحق بهما أنوزلا بعد حين.