الماء في المغرب: أزمة ندرة وتدبير الموارد
محمد أزلو
يواجه المغرب في السنوات الأخيرة تحديات متزايدة في مجال الموارد المائية، نتيجة التغيرات المناخية وتوالي سنوات الجفاف، إضافة إلى الاستغلال المفرط وغير المستدام للمياه. أزمة ندرة المياه باتت واقعا مقلقا، تدق ناقوس الخطر بشأن الأمن المائي الوطني، وتفرض إعادة النظر في سياسات التدبير والتخطيط.
تشير التقارير الرسمية إلى انخفاض حاد في مخزون السدود، مقابل ارتفاع متزايد في الطلب على المياه، سواء في القطاع الفلاحي الذي يستهلك أكثر من 80% من الموارد المائية، أو في الاستهلاك الحضري بسبب التوسع العمراني والنمو السكاني. هذا الوضع يضع الحكومة أمام مسؤولية كبيرة لإيجاد حلول عملية ومستدامة لتأمين حاجيات المواطنين والاقتصاد.
وفي هذا الإطار، أطلقت المملكة عدة برامج تروم تحسين تدبير الموارد المائية، من بينها مشروع تحلية مياه البحر، وإعادة استخدام المياه العادمة، وكذا تشجيع الفلاحة المعتمدة على تقنيات الري الموضعي. كما تم إقرار سياسة “الاقتصاد في الماء”، وإطلاق حملات تحسيسية لتغيير سلوك الاستهلاك لدى المواطنين.
غير أن هذه المبادرات تبقى غير كافية ما لم تُرفق بإصلاحات هيكلية على مستوى الحكامة، والحد من التبذير، وضمان العدالة المجالية في التوزيع، خصوصا بالمناطق القروية والجبلية التي تعاني أكثر من غيرها.
أزمة الماء في المغرب ليست مجرد ظرفية، بل تحدٍّ استراتيجي يتطلب تعبئة جماعية، وتنسيقًا محكمًا بين مختلف الفاعلين، للحفاظ على هذا المورد الحيوي وضمان استدامته للأجيال القادمة.

