شكراً سيادة الرئيس

شكراً سيادة الرئيس

يبدو جلياً أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كسب الكثير من زيارته الثانية إلى لبنان ، وزاد هذا الكثير، عندما عرج على العراق.
ولعل من المفارقات أن بعض هذا “الكثير” الذي كسبه ماكرون وقوفه إلى جانب اللبنانيين . لذلك كان واضحاً الاحتفاء بالرئيس الفرنسي، خاصة أن الأمم المتحدة في تقرير متشائم حذرت من أن نصف اللبنانيين، نعم نصف الشعب اللبناني، سيتضور جوعاً قبل نهاية العام الحالي ، ذلك أن جميع مخازن الحبوب احترقت مع احتراق “مرفأ بيروت”.
لكن الحدث البارز في زيارة ماكرون إلى لبنان كان ولاشك اللقاء مع الفنانة فيروز في منزلها المتواضع أثاثاً ومساحة في منطقة الرابية بجبل لبنان. واللافت للانتباه أن اللقاء استمر ساعة وربع الساعة.
لاشك أن اللقاء كان اختياراً ذكياً ، لأن فيروز من الرموز الفنية المبهرة ، وواحدة من أبرز أيقونات الموسيقى والغناء العربي.عندما ينهمر صوتها مثل المطر ، تجعل كثيرين يكتبون عنها بشيء من الانسحاق أمام شعاعها وقدراتها الفنية.
اختارت فيروز خلال اللقاء البساطة في كل شيء، من الثوب المزخرف، والابتسامة من خلف القناع الصحّي الشفاف بدلاً من الكمامة، والوشاح الأسود المطرّز، والأريكة المنقوشة بالزهور الحمراء والبنفسجية، واللوحات التشكيلية والصور الأسرية. وحمل ماكرون الوسام الذي قلده لها بنفسه، وهو “وسام جوقة الشرف”، أرفع وسام فرنسي .
في المؤتمر الصحفي الذي عقده في بيروت ، ترك الصحافيون جميع فقرات الزيارة جانباً، وكان السؤال المتكرر” سيادة الرئيس ماذا قلت لها وماذا قالت لك” .
لو كنت معهم لما طرحت إلا هذا السؤال.
وكان جواب ماكرون ” اسمحوا لي أن أحافظ على خصوصية هذا اللقاء…أستطيع أن أقول ما شعرت به وما قلته لها شخصيًا..أنا قلت إنني أشعر بالرهبة أن أكون أمام ديڤا مثل فيروز.. هذه الفنانة الوطنية، وأن أرى جمالها وهذا السحر الذي تتمتع به وهذا الوضوح والوعي السياسيين”. وأضاف “أعتقد أنها تحمل بشكل ربما واقعي أو غير واقعي جزأً من لبنان الحلم وصوتها مهم للغاية بالنسبة لكل الأجيال التي رافقته”. وفي عبارة دالة قال” تحدثنا.. وأيضا صمتنا”.
الواضح أن الرئيس الفرنسي يرغب في ترسيخ صورة أخرى متميزة لبلاده. تؤكد هذا التوجه مبادرات متعددة .
اختم متذكراً أنه عندما استقبل رئيس الحكومة السودانية المؤقتة في قصر الإليزي، ألقى خطاباً وردت فيها جملة ستبقى في الذاكرة للأبد، عندما قال” يستحق السودانيون وطناً جميلاً مثل كتابات الطيب صالح وموسيقى محمد وردي”.
لو كان الطيب صالح بيننا وسمع تلك الجملة لقال :” هل هذا الرئيس يقصدني أنا”.
شكراً سيادة الرئيس إيمانويل ماكرون.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *