ملاعب المغرب: معالم رياضية تنتظر أن تخلد بأسماء تاريخية

ملاعب المغرب: معالم رياضية تنتظر أن تخلد بأسماء تاريخية
مجلة 24 - إلياس الحرفوي

برزت مؤخرا إنجازات لافتة في الساحة الرياضية المغربية، حيث حصل الملف الثلاثي المشترك بين المغرب وإسبانيا والبرتغال لتنظيم كأس العالم 2030 على تقييم قياسي من الفيفا بمعدل 4.2 من أصل 5. هذه النقطة، التي تعد الأعلى في تاريخ تقييمات الفيفا لملفات الترشيح، تعكس الجوانب المتميزة لهذا الملف، بدءا من البنية التحتية القوية والملاعب الرائعة، إلى سهولة التنقل بين الدول الثلاث. ومن المنتظر أن تعرض نتائج هذا التقييم على مجلس الفيفا والجمعية العمومية يوم 11 دجنبر المقبل للمصادقة النهائية، في خطوة تعزز طموح المغرب لاستضافة نسخة استثنائية من المونديال.

ومع اقتراب استضافة المغرب لهذا الحدث العالمي، يبرز تساؤل حول فلسفة تسمية ملاعبه، التي غالبا ما تقتصر على وصف جغرافي بسيط مثل “ملعب طنجة الكبير” أو “ملعب مراكش الكبير”. هذه التسميات تفتقر إلى البعد الرمزي والثقافي، مما يحرم هذه المنشآت من عمق يمكن أن يعكس هوية وثقافة المملكة. في العديد من البلدان، يعتبر اسم الملعب رمزا لهوية الأمة، حيث يتم تكريم شخصيات تاريخية أو معالم ثقافية بارزة. لذلك، فإن إعادة التفكير في تسميات الملاعب المغربية قد يساهم في تعزيز الانتماء الوطني ورفع مكانة هذه المنشآت على الصعيدين المحلي والدولي، بما يواكب الطموحات التي يحملها ملف تنظيم كأس العالم 2030.

في البرازيل، يحمل “الماراكانا” اسم حي تاريخي يخلد جزءا من هوية ريو دي جانيرو. وفي إسبانيا، يرتبط “كامب نو” ارتباطا وثيقا بالثقافة الكتالونية. أما “حديقة الأمراء” في باريس، فيعكس أناقة المدينة الفرنسية وجمالها. مثل هذه التسميات تضفي بعدا ثقافيا يعزز من مكانة الملاعب كمحطات فخر وطني.

أما في المغرب، حيث تقتصر الأسماء على وصف الموقع أو الحجم، ورغم أن هذا التوجه يسهل التعريف بالملاعب، إلا أنه يحرمها من التميز الرمزي الذي يمكن أن يجعلها معالم تاريخية وثقافية. من بين الأمثلة البارزة، يأتي مركب محمد الخامس في الدار البيضاء ومركب مولاي عبد الله في الرباط، اللذان حملا اسم ملك وأمير تركا بصمات تاريخية على المملكة، ليبرزا العلاقة الوثيقة بين الرياضة والتاريخ الوطني. كما يبرز ملعب الحسن الثاني الجديد في بنسليمان، الذي أدرج مؤخرا كمرشح لاحتضان نهائي كأس العالم 2030. تسمية هذا الملعب تعكس رمزية الملك الراحل الحسن الثاني، القائد الذي قاد المغرب نحو التقدم وشكل نقطة تحول في المملكة المغربية، مما يمنح هذه المنشأة بعدا وطنيا فريدا.

إعادة التفكير في تسميات الملاعب المغربية تحمل إمكانيات هائلة لتجسيد الهوية الوطنية والثقافية. تخيل، على سبيل المثال، أن يحمل “ملعب طنجة الكبير” اسم “ملعب ابن بطوطة”، تيمنا بالرحالة الذي يعتبر رمزا عالميا للمدينة. أو أن يطلق على “ملعب أكادير الكبير” اسم “ملعب سوس الأمازيغي”، اعترافا بالهوية الأمازيغية العريقة للمنطقة. وفي مراكش، يمكن أن يعكس “ملعب المنارة” التراث المعماري والتاريخي للمدينة. لذلك، تسمية ملعب باسم رمز وطني كفيلة بتعزيز الانتماء الوطني وربط الأجيال بتاريخها. تخيل مثلا ملعبا يحمل اسم “العربي بن مبارك”، أسطورة كرة القدم المغربية والعالمية.

مثل هذه التسميات ليست مجرد لافتات تزين واجهات الملاعب، بل هي رموز تحمل في طياتها قصصا تربط بين الماضي والحاضر، وتعزز الانتماء الوطني عبر الاحتفاء بشخصيات وأحداث شكلت جزءا من الذاكرة الجماعية. مع اقتراب استضافة المغرب لكأس العالم 2030، تبدو هذه فرصة ذهبية لإعادة صياغة هوية ملاعبنا، بحيث تصبح معالم ثقافية وروحية تعكس تاريخ الوطن وتبرز شخصيته للعالم بأسره.

تسمية الملاعب بأسماء رمزية ليست مجرد إجراء شكلي، بل هي خطوة تعكس رؤية ثقافية عميقة. هذه الأسماء تخلق ارتباطا وجدانيا بين الجماهير والمكان، وتمنح الملاعب شخصية فريدة تعزز من قيمتها الرمزية. كما أنها قد تسهم في جذب السياح، الذين لا يأتون فقط لمشاهدة المباريات، بل أيضا لاكتشاف قصص ورموز الأماكن التي يزورونها. إعادة النظر في تسميات الملاعب المغربية يمكن أن تكون فرصة لإبراز الهوية الوطنية والترويج للثقافة المحلية. الملاعب ليست مجرد مساحات رياضية، بل هي معالم حية تحمل بين جنباتها قصصا تروي تاريخ أمة. وإذا ما أُحسن اختيار الأسماء، فإن هذه الملاعب قد تصبح جسورا بين الرياضة والتاريخ، بين الماضي والحاضر، وبين المغرب والعالم.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *