عن الإعلام السطحي واستغلال الضعف الإنساني

أصبحنا اليوم نشهد ممارسات إعلامية تفتقر إلى أدنى درجات المهنية والاحتراف، حيث بات بعض الصحفيين يلهثون خلف كل ما يمكن أن يثير الجدل ويجلب “البوز”، حتى لو كان ذلك على حساب كرامة الإنسان ووعيه. نراهم يجوبون الشوارع بحثًا عن تصريحات من أشخاص يعانون من هشاشة فكرية أو ظروف نفسية صعبة، فيقدمون لهم الميكروفون لا لإيصال صوتهم بكرامة، بل لاستغلالهم وتحقيق نسب مشاهدة أعلى.
في ظل هذا المشهد، نتساءل: أين هم المثقفون؟ أين هي النخب التي يفترض أن تمثل صوت العقل والحكمة في المدينة؟ لقد أصبح النقاش العام مختطفًا من طرف محتوى سطحي، فارغ من القيمة، بينما تغيب الأصوات الواعية التي بوسعها أن ترتقي بمستوى الحوار.
إن استمرار هذا الوضع يعني أننا، كمجتمع، أصبحنا نقبل ضمنيًا بأن يُعبّر عنا من لا يمثلنا، وأن يُختزل واقعنا في مقاطع عشوائية لا تعكس عمق قضايانا. لقد آن الأوان لنقف في وجه هذا النوع من “الصحافة الكلبوية” التي لا تبحث عن الحقيقة بقدر ما تسعى إلى الإثارة.
التغيير يبدأ من الوعي، ومن دعم الإعلام الجاد، المسؤول، القادر على نقل الواقع بإنصاف واحترام. فهل نحن مستعدون لتحمّل هذه المسؤولية الجماعية؟