صحافي ينبش ذاكرته: الكل التحق بتجربة “المساء” بطريقة الأجداد والآباء الأولين.. يعني بـ”الكلمة”
في اجتماع أواخر شهر يوليوز 2006، بمقهى “اليكسندراه” بشارع الزرقطوني بالدار البيضاء، بمعية رشيد نيني وتوفيق بوعشرين، وبحضور الزميلة دلال الصديقي، قال لنا بوعشرين: “سنستغل اسم زميلنا رشيد نيني لنؤسس لتجربة صحفية غير مسبوقة…”.
سأفهم بعدها أن صفقة إدماج تجربة أسبوعية “الجريدة الأخرى” لأنوزلا وبوعشرين مع أسبوعية “تيل كيل” لأحمد رضى بنشمي، قد فشلت، وأن بنشمي أصر على أن تكون “الدارجة” هي لغة الجريدة، وأن يتم تطبيع المجتمع مع ما يسمى “الطابوهات”، لكن يبدو أن بوعشرين وأنوزلا رفضا هذا الأمر، وابتعدا حينها عن بنشمسي، وعلى إثر ذلك خُلقت “نيشان”، وظهر توفيق بوعشرين رفقة نيني في تجربة “المساء”..
في المقهى نفسه وفي الاجتماع نفسه، وفي خضم الحديث عن الأجور، قال توفيق: سنطور هذا التعامل وسنمنح الصحافيين الأكفاء نسبة مائوية من أسهم المساء…(سلوقية بوعشرينية غير ملقحة…ههه).
اتفقنا بلغة الآباء والأجداد الأولين، يعني بـ”الكلمة”، لا حديث حينها عن عقود العمل ولا شيء من هذا القبيل. افترقنا. حل شهر غشت ولم نر بعضنا البعض ولم يسأل أحدنا عن الآخر، إلى أن اقتربت نهاية هذا الشهر.
قررت أن أهاتف رشيد نيني عن موعد الالتحاق بالعمل، فأخبرني أنه بالكاد تحصّلوا على مقر، وأنهم بصدد إعادة “تجييره”، وإجراء تعديلات في مساحته. أخبرته أنني أريد لقاءه ومعرفة عنوان المقر، حينها طلب مني الالتحاق بشارع “الجيش الملكي” بالقرب من “سينما الريف”.
وصلت حيث طلب مني رشيد. صعدت إلى المقر. بالفعل كانت الأشغال جارية فيه، كان عبارة عن “بلاطو” صغير المساحة. بقينا نحضر إليه إلى انتهت الأشغال وأخذ كل منا مكانه.
تقرر أن يصدر العدد الأول من “المساء” يوم 18 شتنبر 2006، لم يبق أمامنا سوى حوالي 23 يوما. لم أتذكر بالضبط عدد الصحافيين والصحافيات الذين كانوا حينها، واشتغلوا بتفان لكسب الرهان.
طبعا كان هناك رشيد نيني (مدير النشر)، توفيق بوعشرين (رئيس التحرير)، ثم حنان باكور، دلال الصديقي، عبد الحق بلشكر، مصطفى الفن، لحسن وانيعام، حميد زيد، جلال المخفي، محمد الشياظمي، جمال اصطيفي، إدريس الكنبوري، عبد الله الدامون، كريم السلماوي، الحسين يزي.
مر أسبوع على انطلاقة الاستعدادات. لاحظت خلال هذه المدة القصيرة أن توفيق بوعشرين مسير من طراز خاص. لا يمل ولا يكل. ضابط إيقاع نبضات هيأة التحرير بشكل “فظيع” .”حار وقافز لدرجة لا تتصور”.
اكتشفت أيضا أن بوعشرين يكوّن رأيه النهائي بخصوصك في المرة الثانية من احتكاكه معك. في الحديث معك والنظر في عينك، وقراءة ما كتبته أول مرة.
إما أن تكسب بوعشرين في “الدقة الأولى” أو تخسره. ويا ويل من “حكّر” عليه بوعشرين.
رشيد نيني من اليوم الأول ملازم لمكتبه ولجنونه مع “شوف تشوف”. لا نراه حتى يمر وقت العصر بكثير. لا يحدثنا. لا يناقشنا في شيء، وفي حالة تحدث إلى أحدنا: كلمة أو كلمتين وبطريقة تبدو “فجة” ثم انتهى الكلام…”تورورو” من نوع خاص.