بين النسوية و الأنثوية ضاعت من الرجل البوصلة
في الماضي القريب كانت هناك فيمينيستات و نساء. و كان الرجل يميز بينهن بسهولة. لم تكن الفيمينيست تهتم بمظهرها، فتترك كل شعر جسدها على حاله إلا شعر رأسها الذي كانت تقطعه إلى أقصى حد مقبول. و كانت تكن عداء ظاهرا لشركات مواد التجميل و على رأسها أدوات و مواد التخلص من شعر الجسد. كانت لا تنزعج من دورتها البيولوجية إذا ظهرت بعض أعراضها للعيان. و كانت تكره الرجل إلا إذا أرغمتها الضرورة البيولوجية للاقتراب منه. و إذا فعلت فلم تكن تقبل منه أي شكوى عن الغابات المغطية لجسدها و لا عن روائح العرق و أشياء أخرى.
و طبعا كانت النساء عكس كل ذلك. كن يطلقن شعر الرأس و “ينتفن” الباقي رغم الألم الذي كان يصاحب ذلك. و كن غالبا ينتظرن فارس الأحلام في صمت. في ذلك الوقت كان الرجل واثقا من نفسه. يحتفظ بمسافة جد محترمة بينه و بين الفيمينيست ويتظاهر بالقوة و النخوة تجاه النساء. و كان ينسج في خياله حكايات سوريالية عن الفيمينيستات ككونهن كلهن سحاقيات و يتبولن واقفات!
أما المرأة المعاصرة فحكايتها “حكايه” من منظور الرجل الذي لم يعش مراحل التطور التي عاشتها المرأة. و إذا كان هناك تطور ما فليس عن طيب خاطر. أنثى اليوم أخذت ما يروقها من كلا الطائفتين. تعتز بأنوثتها و تهتم بها إلى أقصى الحدود. و تعتبرها جزءا منها و من ترسانتها الدفاعية/الهجومية. اعتزازها بأنوثتها لا يقابله إلا تشبثها بحريتها. لا تكره الرجل لكنها تريد تدجينه. الزواج منها أو العيش معها في علاقة حميمية ليست ضمانة لبقاء الأمور “على طول”. لا يا عزيزي؛ عليك أن “تصطادها” كل يوم و بطرق مختلفة. إياك و تكرار “لعيبة” أمس! العيش معها نعمة. لكنه قد يتحول إلى نقمة إذا لاحظت فيك علامات العياء لأي سبب، أو النسيان. عيد ميلادها، ذكرى زواجكما أو علاقتكما الحميمية من أقدس المقدسات. نسيانها من أكبر الكبائر التي لا تغتفر بسهولة. حتى و إن تظاهرت بالصفح فالنسيان أوهو. ستأتي مناسبات كثيرة لتسمعك إياها. أنثى اليوم لا تكره شركات مواد التجميل. العكس. تحفظ أسماءها عن ظهر قلب و تترقب كل جديد يصدر منها.
ميزاجية، تفرح لأبسط الأمور و تغضب لأمور أكثر بساطة. و من أدوارك الجديدة خفة الدم و القدرة على رسم الابتسامة على محياها؛ أن تكون لديك روح الفكاهة. لكن إذا رافقتها لزيارة عائلتها فعليك أن تلعب دور ولد الدار. إذا كانت تتحدث لا تقاطعها و لا تضحك كثيرا و إذا تكلمتَ فزن كلماتك بميزان ابن رشد و الغزالي. ضحوكة و لعوبة و ما عليك إلا تثمين سلوكها هذا. و تنتظر منك مصاحبتها في غزواتها لسبي الموضة و أدوات و مواد التجميل. تريد مرافقتك من حين لآخر إلى جلسات أصدقائك. لكن أنت ما تديرهاش فراسك تمشي معها لصحاباتها.
أنثى اليوم جميلة، تشتهيها نفس الرجل (و ربما حتى المرأة)، مثقفة، متحررة و عقلانية حد الاختناق. لكن حدسها، إحساسها و عواطفها لم تتخل عنهم بعد!
أنثى اليوم تجمع الجنة و الجحيم معا. إن كنت من غير المغضوب عليهم فجنتها مأواك. أما إذا كنت من البئيسين فلن تنفعك معها صلاة.