الوعي الجمعي في زمن كورونا
شكل تفشي، جائحة كورونا حدثا بارزا في تاريخ الانسان المعاصر. بل وحطم كل الحواجز الجغرافية، الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية. وخلق ازمة عالمية على جميع المستويات. فالحدث في حد ذاته ينتمي الى سياق علمي بيولوجي يستجيب للصيرورة التطورية التي عرفها العلم المعاصر خلال العشرية الأخيرة. ثورات وانقلابات، فيزيائية، تكنولوجية، بيولوجية. مكنت الإنسان المعاصر من تحقيق مجموعه من المكتسبات والانجازات. فقد استطاع هذا الكائن البشري من فك شفرة مجموعة من الظواهر والغاز الكون (تحديد عمر النظام الكوني، اصل الكون… بلوغ عوالم اخرى.) تحسين ظروف عيش الانسان. لقد كان، الرهان المركزي للإنسان منذ زمن طويل هوادرك التوازن بين المتتالية الهندسية التي يخضع لها النمو الديمغرافي والذي يسير بوتيرة متسارعة والمتتالية الحسابية التي يحتكم اليها الغذاء ومصادر الطاقة باعتبارها تشكو القلة والندرة وضغط الاستهلاك ولعل اصل الصراع البشري في شموليته التاريخية. يخضع لهذا المنطق الجدلي لذلك استوجب تدخل العلوم الدقيقة للرفع من الإنتاجية لتحقيق التوازن المنشود داخل هذه المعادلة الصعبة. تحت هذا الضغط تم اعتماد تقنيه الهندسة الوراثية التي راهت على تحسين الانتاج والتحكم في المردودية وذلك باعتماد على مبادئ نظريه التطور (الانتقاء. الملائمة الارتقاء والتكاثر) هذا الجزء المضيء من التطور العلمي في المقابل ثم استخدام هذه ا الميكانيزمات التقنو ية للعلم لتحقيق التوازن المنشود بالإضافة الى تحقيق ابعاد استحواذية سيادية نوعية رادعة ومدمرة للإنسانية ككل. الى جانب التقنيات التدميرية. كالقنبلة الذرية والهيدروجينية. تم اللجوء أيضا الى السلاح الميكروبيولوجي الأكثر فتكا بالبشرية.
وبالعودة الى السياق الراهن الذي افرزته جائحه كورونا وبغض النظر عن المقاربات التي تحاول تفسير هذه الجائحة تارة باعتماد نظريه المؤامرة حرب بيولوجيا تم التخطيط لها داخل مختبرات عالمية تنتمي الى القوى العظمى الولايات المتحدة الأمريكية والصين الشعبية وتارة باعتماد مقاربه سياسوية الاتهامات بين الفاعلين السياسيين. وضمن هذا السياق الجدلي تحضر مقاربات دينيه تربطها بالعقاب، الحساب واعطائها بعدا اسكاطولوجيا اقتراب يوم القيامة ونهاية العالم. ان ما يثير الاهتمام داخل هذا السياق التراجيدي الذي بلغت اليه الإنسانية هو انه تمكننا القراءة السوسيولوجية لطبيعة الاستجابات النابعة من المجتمعات الغربية والمجتمعات العربية او دول الشمال الغنية ودول الجنوب الفقيرة حيث شكلت الوسائط الإلكترونية مجالا يعكس الى حد ما طبيعة التمثلات والبنى الذهنية للإنسان العربي. حيث مستويات الأمية والجهل والفقر والهشاشة تحطم ارقاما قياسية. ان العدالة الاجتماعية التي حققتها الشبكة العنكبوتية. جعلت الانسان يلعب دورا محوريا في صناعة الوعي الجمعي الذي يعوزه العقل النقدي والمقاربة التحليلية العلمية المنطقية. فاصبح الواقع الافتراضي هو واقع الممارسة الذي يحقق داخله هذا الكائن العربي ذاته. ظهور دعاة ورقات دينيين يدعون امكانيه علاج مرض كوفيد 19
الذي عجزت اكبر المختبرات العلمية في ايجاد لقاح قادر على قهر هذا الكائن المجهري .اعشاب تحقق المعجزات .النكتة والدعابة والسخرية في مواجهه ظاهره ميكروسكوبية تتجاوز حدود العقل المنفعل والعاطفي واللاهوتي .الذي لا يملك شيئا غير التسطيح وتبضيع المشهد، في ظل هذه الازمه غير المسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية- على حد تعبير المستشارة الالمانية ميركل -تظهر الزوائد الدودية. لتقتات على الام الاخرين. تحقيق نسب المشاهدة العالية. ان التفاعل الجماهيري الذي ترسله الصور المبثوثة على مواقع التواصل الاجتماعي تعكس منسوب الوعي المجتمع الذي تحركه رواسب سيكولوجيه، المكبوت اللاشعوري والموروث الثقافي وبيولوجية اشباع رغبات الانسان المقهور.