السياسة الصحية وتوجهات بناء التوطين الترابي للمجموعات الصحية الترابية

السياسة الصحية وتوجهات بناء التوطين الترابي للمجموعات الصحية الترابية
خديجة أجميلي : باحثة في سلك الدكتوراه بمختبر العلوم القانونية والسياسية بمدينة السطات.

يسعى الإنسان دائما إلى تحسين مستوى العيش لديه، وهي رغبة فطرية فيه تدفعه إلى البحث على الوسائل التي تؤمن له هذه الحاجة بما يتوافق والظروف التي يعيش فيها، والإمكانات المتوفرة لديه، ومن بين المجالات التي يسايرها ويبحث فيها نجد مجال الحماية
الاجتماعية الذي يندرج ضمن فروع القانون العام الداخلي الذي يعنى بدراسة وتحليل مجموعة من القواعد العامة التي تنبني عليها السياسة العامة للدولة وما يتفرع عنها من سياسات عمومية و قطاعية ، ومن بينها نجد السياسة الصحية ، بحيث تعتبر من أولويات وأهداف الدولة لتحقيق الولوج المتكافئ لمنظومة الصحة و الرعاية الطبية ونفترض سلفا أن منطق الولوج هنا يقوم على أسس ايديولوجية ، وعلى ترسانة قانونية دولية ووطنية تأخذ بعين الاعتبار البعد الترابي في التنزيل، فإن الملاحظ انطلاقا من مقاربة فلسفة الواقع أن التوطين الترابي للسياسات الصحية يعرف عدم المساواة بين الجهات و أيضا يمكن ملامسة هذا خلل بين المناطق القروية والحضرية، و يتضح ذلك من تلك التفاوتات الممثلة في المحددات الاجتماعية أو مؤشرات الحالة الصحية أو مستوى توفير الرعاية الصحية والتغطية الصحية الشاملة في البلاد من جهة .
ومن جهة ثانية، يبرز اللاتمركز الإداري كأداة تستخدمها الدولة للتوطين الترابي للسياسات الصحية بالمغرب، إلى حد الآن محدودية تدخلات الجماعات الترابية في إطار اللامركزية فيما يخص القضايا الصحية و تفتقر للاتقائية فما جدوى صناعة سياسات عمومية صحية غير قادرة على حل المشاكل العمومية في ظل إشكالية انعدام الإلتقائية ، وبناء عليه فإلى أي حد يمكن اعتبار المداخل القانونية/التنظيمية
والتدبيرية، والمداخل المؤسساتية والبشرية/ التأهيلية، كدعائم يمكن من خلال الاعتماد عليها تحقيق ما يسمى بالتوطين الترابي المنسجم والمتكامل للسياسات العمومية الصحية.
إضافة إلى وجود اختلالات تنظيمية للمصالح اللاممركزة التي تتعارض مع دينامية اللاتمركز الإداري والجهوية المتقدمة التي يشهدها المغرب، لنتساءل حول مدى امكانية اعتبار المجموعات الصحية الترابية مدخلا من مداخل تنزيل السياسة الجهوية الصحية؟ وهل يمكن أن تشكل المجموعات الصحية الترابية قطيعة مع النموذج البيروقراطي لتدبير القطاع؟
إن هيمنة المنطق التكنوقراطي على المنطق السياسي قد اخترقت كل مراحل الإصلاح، من لحظة بناء الأسس والنظريات إلى زمن الهندسة الدستورية وصولا إلى لحظة النقاش المؤسساتي والحقوقي، دون الحديث طبعا عن مرحلة ما قبل الصياغة باعتبارها لحظة إدارية تقنية بامتياز. فهل يا ترى نتوفر على نخب قادرة على تحمل مسؤولياتها في التنزيل السليم لهذا الورش الملكي؟. وانطلاقا مع مضمون الفصل الأول من الدستور نجد فيه الديمقراطية التشاركية المواطنة في التنزيل (تنزيل السياسات والرؤى ) لكن الملاحظ في عملية تنزيل ق الاطار المتعلق بالمجموعات الصحية الترابية اغفال هذا التسلسل القانوني والاشراكي للمؤسسات الحقوقية وللأحزاب واشكالية النخبة السياسية المدافعة عن الحق العام في إطار تمثيلية ديمقراطية .

One thought on “السياسة الصحية وتوجهات بناء التوطين الترابي للمجموعات الصحية الترابية

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *