افتتاحية مجلة 24…. تعزيز الحماية الاجتماعية صمام أمان لمغرب الغد
كما جرت العادة، كان جلالة الملك محمد السادس واضحا وصريحا في خطاب العرش 2020، معلنا أن المقاصد والغايات من كل المشاريع والمبادرات والإصلاحات التي يقودها جلالته، هي النهوض بالتنمية، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية. وهذه الأهداف هي التي تشكل الخصاص في مغرب اليوم.
إن نضج ظروفنا وأوضاعنا الوطنية، قد هيأت البلاد عبر تاريخها المعاصر لكذا تمثلات، تستهدف وضع البلاد على سكة نمو حقيقي وتوزيع عادل للمقدرات الوطنية.
جلالة الملك يموضع هذا الطموح الوطني المشروع، في مسار التحولات الهادئة والعميقة التي يعرفها المجتمع المغربي، ويعلن عن التزام قوي، لإطلاق عملية حازمة، خلال الخمس سنوات المقبلة. ابتداء من يناير المقبل 2021.
تعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة، بدءا بتعميم التغطية الصحية الإجبارية، والتعويضات العائلية، قبل توسيعه، ليشمل التقاعد والتعويض عن فقدان العمل.
ثم يضع جلالته لهذا الطموح الوطني الكبير مداخله الأساسية والتي تستوجب من الحكومة القيام بالتشاور، مع الشركاء الاجتماعيين لاستكمال بلورة منظور عملي شامل، يتضمن البرنامج الزمني، والإطار القانوني، وخيارات التمويل، بما يحقق التعميم الفعلي للتغطية الاجتماعية.
لقد سجلنا على الفرقاء في عالم الشغل ببلادنا وفي محطات عديدة عدم القدرة على الخروج بالمشاورات بتوافقات كبرى تجنب البلاد مزيدا من التوترات الاجتماعية، كما سجلنا في محطات أخرى تشنجات سياسية وعدم تمكن الحكومة من القيام بوظائفها في تقريب وجهات النظر بين هؤلاء الفرقاء بل كانت الحسابات السياسية الضيقة هي المهيمنة على الرؤى,
إن تعزيز الجبهة الاجتماعية كانت ولا زالت تقتضي عدم الرهان على تركيع النقابات باللجوء في الفترات الحاسمة إلى منطق تغليب القرار الحكومي على حساب النقابات الأكثر أمانة في الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة وذلك بالاعتماد على تقنية التصويت على القرارات الحاسمة لتمرير القانون بنسبة مخجلة تفضح عمق المناورات السياسية التي قادتها حكومة العدالة والتنمية من أجل تمرير قانون التقاعد أو رغبتها في تمرير قانون تكبيل الإضراب أو المحاولات الهادفة للالتفاف على مدونة الشغل وإفراغها من مضامينها الحمائية لحقوق العمال.
على الحكومة القادمة أن تكون في مستوى تطلعات جلالة الملك الذي يعكس تطلعات أمة وبلد. وأن تقدم رجالات قادرين بكفاءاتهم العلمية وتجاربهم الاجتماعية وحنكتهم السياسية لإنجاح هذه المحطة في تاريخنا الوطني.
رجال متشبعون، بروح الوطنية وعازمون على المساهمة في تقدم البلاد، والسهر على ازدهارها الاقتصادي ورخائها الاجتماعي.. في إطار جبهة وطنية، متعاقدة أمام الملك والشعب، من أجل تقديم انجازات لهذا البرنامج الاجتماعي، وليس تسويق أوهام أفضت إلى تبخيس السياسة والسياسيين في أعين الناس. وإعادة الاعتبار إلى العمل السياسي خارج التنابز بالألفاظ والتطاحن الأعمى لتعزيز المواقع السياسية الحزبية واغتيال الديمقراطية داخل تنظيماتها بطرد المختلفين مع قياداتها، في تقدير المواقف السياسية. حيث صارت اللعبة السياسية، التزلف لمناصب وزارية أو كراسي بدواوين في غياب أي مشروع مجتمعي ينتج الأفكار ويقدم الأجوبة على المعضلات الاجتماعية.
ونقابات تتجاوز انشقاقاتها وخلافاتها الذاتية، من أجل الجلوس إلى طاولة المشاورات، كقوة اقتراحية قوية وفاعلة في إخراج الرؤية الملكية إلى إنجازات فعلية.
لقد ولى زمن الانشقاقات والخلافات الايديولوجية بانهيار المنظومة الاشتراكية، وحان الوقت أمام الطبقة العاملة، وفي السياق الذي ينشده عاهل البلاد، أن تتخلى عن أنانياتها الضيقة. فليس بين العمال من تناقضات بل يشكلون لحمة واحدة كمأجورين وانتماء طبقيا موحدا ليس له من تشويش سوى استخدامهم من طرف باقي القوى السياسية كخزان انتخابي.
حان الوقت اليوم لتأمين جبهة داخلية متينة، ومتراصة وراء المؤسسة الملكية كطرف وشريك أساسي في الحقل السياسي المغربي لإنجاز تطلعات مغرب الغد.
إن العدو الأساسي والخصم المشترك اليوم لكل المغاربة من مختلف مواقعهم الاجتماعية وحساسياتهم السياسية،، هو محاربة الفقر والهشاشة والعوز والخصاص الذي تعاني منه فئات عريضة من المغاربة.
هو إبداع الأفكار واقتراح الحلول الممكنة لإدماج القطاع غير المهيكل ضمن النسيج الاقتصادي وأن يلعب أدواره الطبيعة في تأمين العيش الكريم وتحقيق المشاركة الواسعة للأفراد والجماعات في عمليات النمو الجارية وتمكينهم من الاستفادة من فرص العمل الناشئة في ظل حماية اجتماعية قوية لا تبخس المهن. .