ها الرقمنة والذكاء لي خاصين لبن جرير !!!

ها الرقمنة والذكاء لي خاصين لبن جرير !!!
تحرير عبد الغني رشيق

العالم بأسره يتابع أشغال الدورة التاسعة للقمة الأفريقية للمدن والحكومات المحلية الإفريقية “إفريسيتي” وهي تنصب مدينة ابن جرير على رأس شبكة المدن الوسيطة الأفريقية الذكية خلال أشغال ندوة ”التحول الرقمي رهان ترابي” بعدما أعلن عن ذلك السيد توري حمدون رئيس مدينة باماكو أمام السيد خالد سفير الوالي المدير العام للجماعات الترابية بالمغرب والسيد عزيز بوينيان عامل إقليم الرحامنة وكذا رؤساء الجماعات الأفريقية المشاركة في الدورة .

الحديث هنا ذو شجون ولكي لاتحسب علينا تلك النظرة العدمية أو الشوفينية فلا أحد ينكر أن إبن جرير التي كان بالأمس الدوار الكبير بالرحامنة الذي تصاب فيه الدواب بالرعاف من شدة القيض والمتوفر على شارع ومدارة وحيدة في صورة توهم الزائرين ب “المقلاة” لازال يرثي حاله إلى يومنا هذا لكن بمأساوية أكبر .

المدينة الذكية والعالمية والطاقية والخضراء والبولتكنيك ويضاف لها اليوم مصطلح “الرقمية” كلها ليست إلا أرقاما تصب في إتجاه وحيد وأوحد يسير بنا نحو إشكالية “باريس وباريس الضاحية”، إبن جرير باتت اليوم ظاهرها كالبحر الميت وباطنها كتيارات بحر المانش ولا وجود لربان ماهر قادر على أن يمخر عباب أمواجه المتلاطمة حتى تسلك السفينة لبر النجاة بأمان، إبن جرير القرية التي شاء قدرها قبل عشر سنوات أن تلبس أزياءا الموضة العالمية وهي البدوية التي لازالت لم تنسلخ من نفحة تربتها الأصيلة بل خطط لها أن تواكب المسير بثنائية قطبية صارخة المفارقات.

المدينة الفوسفاطية بكل صراحة عالمية بجامعتها الدولية الثالثة عالميا من حيث التخصص والمتوفرة على مدرج يتسع لحوالي 1200 طالب وقاعة جينيرك ب Caméra projecteur تتعدى قيمتها المالية المليار و200 مليون ناهيك عن المسبح الخرافي والمحاط بالصفائح الزجاجية وCentre de recherches وكذا إقامات الطلبة الفاخرة G4 G3 G2 G1 والملاعب الرياضية التي أنشأت بمعايير دولية معتمدة دون أن ننسى Pergola العجيبة التي يجلس تحتها الطلبة وقت الإستراحة وكملحق لها ثانوية التميز المحدثة بنفس الفنيات المعمارية وبين الثانوية والجامعة الخيال العلمي “قلعة غريندايزر” كما يسميها بعض الأصدقاء على سبيل الدعابة والتي ليست إلا الإدارة العامة للمكتب الشريف للفوسفاط حيث لا أحد بمقدوره حتى تخيل التكلفة المالية التي أنجزت بها والمرتقب أن تحط مروحية المدير العام للفوسفاط فوق سطح طابقها الرابع ويهبطه المصعد الألي بدون أن يلاطم وجهه نسيم الرحامنة إن وجد أما المشاريع الخيالية التي لازالت في طور البناء فيكفي إحصاء الرافعات العملاقة للشركات المقاولة هناك كالمغربية للأشغال الكبرى SGTM التابعة للملياردير القباج وTGSC التابعة لشركة بوزوبع وSOGEA وغيرها.

القطب الحضري الذي أتحدث عنه يضم العديد من الفيلات ومركز الطاقة الخضراء المتجددة والمدرسة الأنجليزية ومركز التكوين التابع للمجمع الشريف للفوسفاط وCentre DATA وميدان خاص بالرماية في الوقت الذي رميت فيه ساكنة القطب الشمالي غياهب التهميش والإقصاء الممنهج جراء تكالبات المجالس المتعاقبة.

الحديث غيض من فيض والغالبية العظمى من ساكنة إبن جرير الضاحية التي هي النواة الأصلية لمدينة إبن جرير إستسلمت منذ منذ مدة لقدرها المحتوم وتنتظر إحدى المعجزات كي تنفث عنها الغبار الذي طالما تغنى به “فطاحلة الشيوخ والشيخات” في أقدم عيطة حوزية التي تستهل تاريخها العتيد بمطلعها “فين أيامك يا بن جرير غير الغبرة والعجاج يطير” والذي للأسف لم تتبقى منه سوى بعض أصوات النشاز البعيدة كل البعد عن الخبر وقدسيته وحملت “البنادر والطعارح” وبدأت تهلل لعشاق السهر والأنذال وهي ليست على علم أن العيطة الوحيدة في التراث الشعبي التي لاتستعمل فيها “البنادر” هي العيطة الحوزية لأنها تشوه الميزان، ولأن النفسية مخنوقة ومحتاجة لمن يروح عنها لا بأس أن نسلك نفس خطاهم مؤقتا والآلة الوحيدة التي سنسمعكم تهاليلها هي المزمار بالرغم من علمنا المطلق أنها دخيلة على العيطة الحوزية لكن للضرورة أحكام لكي نساير ضرب “البندير” لابد من المزمار.

لننتقبل المنصب الذي منح لمدينة إبن جرير في الملتقى الأفريقي المستمر حتى الأسبوع المقبل ولنتفق ولو من باب الإستئناس على التشكيلة التي تمثل الرحامنة بدولة كينيا لكن ماهي التجربة التي نقلتموها كي تمنحهم هذه الصفة الجديدة ؟

كان الأجدر في ملتقى الرقمنة والذكاء أن تنقلوا الإحصائيات بكل تفاصيلها وعوض الرقمنة والذكاء هناك الأرقام والإستغباء .

هل نقلتم لهم تجربة الأكشاك (البرارك) التي تملأ أحياء المدينة كالفطر ؟ هل نقلتم لهم أرقام ضحايا المحطة الطرقية (المستشفى الإقليمي) الذين تزهق أرواحهم يوميا في طريق مراكش بحثا عن العلاج؟ هل نقلتهم لهم أرقام الكلاب الضالة التي إستباحت أهم شارع عندكم بالمدينة؟ هل نقلتم لهم أخبار جمعية الموارد التي خرجت من رحم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وهي على بعد أيام قليلة من ذكراها العاشرة؟

هل نقلتم لهم التجربة الفاشلة لحزب نائب الرئيسة المتواجد معكم والإنحدار الخطير من 30 مقعد إلى 22 إلى 6 بمشقة الأنفس في الإستحقاقات الأخيرة؟ هل نقلتم لهم أرقام العربات المجرورة التي تغزو كل شوارع المدينة والتي وقفتم عاجزين على الحد من تزايدها بالرغم من محاولتكم اليائسة في تعويضها بالدراجات الثلاثية العجلات؟ هل أبلغتم رؤساء الجماعات الأفريقية بكون رئيستكم تقود سفينة المجلس بدون إرادة الساكنة عبر صناديق الإقتراع وهي المتحصلة على أكبر بقية؟ هل قلتم لهم أن حزب الوردة إرتكب خطئا لايغتفر لما لملم حقائبه وتاريخه وعلقه في بوابة إسطبل لتربية الدجاج بل أعطى الفرصة للعديد من النكرات للتزاحم على حافلات ALZA في ذلك الوقت نحو مراكش لإقتناء “كومبليات ورابطات أعناق” رفيعة تشبها بأناقة المهدي بن بركة وعبد الرحيم بوعبيد والكبير عبد الرحمان اليوسفي؟

لماذا لم تخبروهم بأنكم دخلتم موسوعة غينيس للأرقام القياسية بعد أن تطلب منكم حدث إفتتاح السوق الأسبوعي الجديد أكثر من عشر سنوات وفاقت تكلفته 7 ملايير؟ وأستغرب كيف ذهبتم لملتقى دولي للرقمنة ومنازل أحياء المجد والتقدم وإفريقيا والشعيبات والإنبعاث والرحمة وغيرها بدون أرقام وقد كانت سببا في ضياع مستقبل العديد من الشباب بعد تعذر إيجاد عناوينهم على سعاة البريد إلا بعد فوات الأوان؟ هل أخبرتم الأفارقة بالعدد الحقيقي لحشرات “شنيولة والناموس ” التي تؤرق صبايا تجزئة النخيل وحي الشعيبات بسبب قربهم من مطرح النفايات الكارئي؟

كيف نسيتم نقل تجربة مقابركم الغير مرقمة لكي يستفيذوا منها بحكم نجاعتها في دفن أكبر الأعداد في أصغر حيز جغرافي تحت شعار “إكرام الميت دفنه”؟ التجربة التي يمكنكم الترافع عنها هي تجربة الشكايات المرسلة للمحاكم أملا في مشاطرتكم الرأي لتكميم أفواه الغاضبين من سياستكم والتي لن تزيدكم إلا نارا في الهشيم؟ لماذا لم تنقلوا لهم الأرقام المرعبة لحالات الإغتصاب المتكرر للملك العمومي بشارع الأمير مولاي عبد الله على شاكلة فيديوهات روتيني اليومي؟

لماذا لم تنقلوا لهم تفاصيل الولاية السابقة لما كان حي الوردة يضم سبعة أعضاء وعوض أن يترافعوا عنه وبرمجة فضاء رياضي لإحتواء المواهب الكروية تم الإجهاز عليه بقنطرة أهرام الجيزة التي جعلت داخله موجود وخارجه مفقود بل أجهزت على أحلام عدة مهاجرين كان حلمهم مشاريع مقاهي تريحهم كدح السنين؟

ختاما وليس أخيرا لكم كامل الصلاحية في الترويج لما تشاؤون لكن تأكدوا أننا لسنا سدجا لكي تنطلي علينا خطاباتكم الفضفاضة ،بهذه البساطة فلغة المواقع شيء وحقائق الواقع أشياء أخرى ولنا من واقع الحال المرير آلاف الصور ومئات المواقف والعبر وحتى لاتنسوا مادامت أشغال الملتقى الأفريقي مستمرة .وفيما يتعلق بتبادل الخبرات في ميدان التخطيط العمراني والحضري أن تنقلوا لهم تجارب ملاعب القرب المجد المجاورة لإعدادية النهضة ،والتي تم تفويت مشروعها لمقاول خارج التخصص بمباركة المهندس الظاهرة ومسبح المجد المغلق لثلاث سنوات رغم إنتهاء أشغاله وسور الملعب البلدي ،الذي إختزل منه الجزء الأهم ولا من حرك ساكنا والتجربة الرائدة في إطار سياسة شمال جنوب هي قنوات الصرف الصحي، التي أقبرتموها تحت أسوار واد بوشان كسابقة في تاريخ الهندسة الخارجة حتى عن قوانين الهندسة في الفضاء اللهم إذا كان هندسة المريخ تقبل بذلك.

تحرير عبد الغني رشيق

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *