المعهد الملكي لتكوين أُطر الشبيبة والرياضة، مؤسسة عمومية أم ملحقة تابعة لحزب العدالة والتنمية؟
رضخ وزير الثقافة والشباب والرياضة عثمان الفردوس لضغوطات رئيس الحكومة سعد الدين العثماني وحزب العدالة والتنمية، حيث قام بتعيين أمين العرفاوي، عضو حزب المصباح، مديرا بالنيابة للمعهد الملكي لتكوين أطر الشبيبة والرياضة الذي حوله إخوان العثماني إلى ملحقة تابعة لحزبهم، تأوي ضيوفهم الأجانب ويعقدون بها أنشطتهم الحزبية، وإلى منتجع لهم ولعائلاتهم التي تستفيد من خدمات المعهد بدون وجه حق.
تعيين العرفاوي يوم 28 شتنبر الماضي يفتح المجال مجددا أمام قيادات البيجيدي لإعادة “استعمار” المعهد الملكي المذكور وجعله مقرا معزولا للتربصات السياسية كما كان عليه الأمر في عهد المدير عبد الرزاق العكاري، وحين جاء المدير السابق بالنيابة طارق أثلاثي عمل جادا على محاربة اكتساح إخوان العثماني لهذه المؤسسة الملكية التي تحمل اسم الأمير “مولاي رشيد”، والتي رسم لها ملك البلاد مهمة نبيلة تتجلى في تكوين الرياضيين الشباب والأطر الرياضية، بعيدا عن السياسة والسياسيين.
معلومات خطيرة حول استغلال البيجيدي لهذه المنشأة منذ ولاية عبد الاله بن كيران، حيث يتوفر حزب المصباح على جناح قار يعقد به أنشطته المتعددة، ويخصص غرفا لضيوفه الأجانب على حساب الطلبة وجيوب دافعي الضرائب.
تحقيق توصل إلى أن أمين عام حزب المصباح السابق عبد الإله بن كيران كان يحتل بالمعهد غرفة “قد المقام” (suite)، ورثها عنه سعد الدين العثماني. وكان المعهد كذلك قبلة لمحمد يتيم وإخوانه وعائلاتهم للاستجمام والسباحة بشكل يومي في أغلب الأحيان، للاستفادة المجانية والرمزية من المسبح الأولمبي وباقي منشآت “معهد مولاي رشيد”.
وإذا كانت الإدارة السابقة للمعهد سمحت بهذا الاكتساح الخارق بحكم علاقة الصداقة التي تجمع المدير السابق بالقيادي جامع المعتصم، فإن محاولات طارق أثلاثي لتطبيق القانون، في انتظار ترسيمه مديرا، بعد تفوقه في امتحان لشغر هذا المنصب، جلبت عليه عداوة أعضاء حزب العدالة والتنمية الذين حاربوه بكل الطرق والوسائل، إلى أن تمكنوا من إبعاده في عهد الوزير عثمان الفردوس.
والحقيقة أن المدير السابق بالنيابة سعى فقط إلى منع الأنشطة الحزبية والسياسية والإيديولوجية حماية للطلبة، خاصة وأن هذا المعهد يوجد في منأى عن مراقبة الأعين داخل غابة المعمورة، ولذا فقد وجب تحصينه احتراما للرسالة التربوية والرياضية التي أحدث من أجلها. إلا إن يقظة حزب العدالة والتنمية، خاصة حين تتعرض مصالحه للمضايقة، كانت أقوى من طموحات المدير بالنيابة، فرفض سعد الدين العثماني إدراج تعيين طارق أثلاثي ضمن جدول أعمال مجلس الحكومة، رغم أنه توصل بقرار ظفره بالمنصب منذ 10 مارس 2020، وتوصل برسالة (أنظر الصورة) من طرف الوزير السابق الحسن عبيابة يخبره فيها بنجاحه حسب المسطرة المعمول بها، في انتظار إدراج تعيينه ضمن جدول أعمال مجلس الحكومة.
وإلى حد كتابة هذه السطور، أي بعد مرور ستة أشهر وخمسة وعشرون يوما، لازال سعد العثماني يرفض احترام المسطرة، وهو الذي وقع في أقل من 24 ساعة المعاش الاستثنائي لعبد الاله بن كيران (7 ملايين سنتيم شهريا). بل الأخطرمن هذا، أن هناك تحركات لأطر حزب العدالة والتنمية، يتزعمها عبد العالي حامي الدين، المتهم في قضية قتل الشهيد أيت الجيد، لإبعاد اسم طارق أثلاثي الذي فاز عن جدارة واستحقاق من بين سبعة مرشحين، وإعادة تنظيم امتحان جديد يفتح الطريق أمام مقرب من حزب البيجيدي.
وبهذه الرسالة “العنصرية”، تصبح الرسالة التي يجب أن يستوعبها المغاربة واضحة كل الوضوح، وهي تقول: من أراد ولوج المناصب العليا، فعليه أن ينخرط في حزب العدالة والتنمية. كما أن مثل هذه الرسائل لا يمكن وصفها إلا ب”قلة لحيا”، ما دامت لا تحترم الرسالة والأهداف التي وضع من أجلها هذا المعهد الذي أعطاه الملك محمد السادس لقب “الملكي”، وأطلق عليه اسم الأمير مولاي رشيد.
فلماذا يزكي عثمان الفردوس سلوكات البيجيدي، خاصة قيادييه سعد الدين العثماني ومحمد المعتصم وعبد العالي حامي الدين؟ هل هي قلة التجربة، أم أن هناك مقابل يرجى من كل هذا الركوع؟
ولعله غير خاف عن الوزير الفردوس أن تعيين أمين العرفاوي يوم 28 شتنبر، صادف يوم استنطاقه، بسبب شكاية من أجل التزوير. بل إن الوزير كان على علم مسبق بهذه الشكاية، ومع ذاك يعمل على التغاضي. كما أنه على علم كامل بوجود تسجيل صوتي لإخوان العثماني، يهددون فيه طارق أثلاثي، ويعدون بالإطاحة به.
وينضاف الى إقالة أثلاثي، الإبعاد المفاجئ للكاتبة العامة للوزارة نادية بنعلي، التي لا تتمتع برضى البيجيدي. بل تقول المعطيات أن القيادي في حزب العدالة والتنمية، جامع المعتصم، خرق مسطرة التعيين، واتصل بالكاتبة العامة مرارا، ليطلب منها تقديم الاستقالة الفورية، قبل قيام رئيس الحكومة بتوقيع مرسوم إعفائها.
فهل سيستيقظ عثمان الفردوس قبل فوات الأوان، ليستعيد صلاحياته كاملة ويمارسها، أم أنه سيكون من أولى ضحايا العاصفة المقبلة التي ستدفن مستقبله السياسي مبكرا؟ ولن يجد حينها سعد الدين العثماني إلى جانبه، بل ولن ينفعه الندم! والله على ما نقول شهيد.