التعثر الديمقراطي

التعثر الديمقراطي
بقلم فؤاد الجعيدي

لا أخفيكم أني عشت زمنا، كان فيه إيماني قوي بأن الكفاح الذي انخرطت فيه، كانت له أهداف واضحة من أجل إنجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية.


هذه الثورة كان الرهان القوي فيها، إعطاء مضامين جديدة للديمقراطية في جوانبها الاجتماعية والثقافية والنقابية والسياسية بنفس القدر الذي نناضل فيه من أجل الحقوق الاقتصادية.


صحيح أن المغرب الاقتصادي ارتقى وتطور، وصار في العديد من الصناعات الناشئة، يجد له حضورا وامتدادا في الأسواق الدولية بكل تحدياتها وشروط المنافسة الخاضعة لها. والمخطط الأخضر نهض بالفلاحة العصرية إلى المواصفات الحديثة بالاستخدام والواسع التكنولوجي، وتوظيف الآلات والخبرات العلمية، لكن في المقابل ظل صغار الفلاحين يعيشون حياة الهشاشة والخصاص، وظلت كل المؤشرات تفيد أن الفقر يضرب في صغار الملاكين في الأراضي البورية ويعانون من توالي سنوات الجفاف وقلة التساقطات المطرية.

وهذا الوضع يؤكد، أن نموذج ديمقراطيتنا لم يعرف مسارات متكاملة ومنسجمة في التطور السياسي العام لبلادنا، وأن الثورة الوطنية الديمقراطية، التي كان إجماع وسط المناضلين حولها تبددت وتحولت وتم تصريفها إلى مفاهيم الحداثة وتم أيضا تغيبها لما صعدت القوى اليسارية إلى تدبير الشأن العمومي منذ سنة 1997 . حيث ظلت القوى المستفيدة من الرخاء، تراكم الثروات وفي نفس الوقت توسعت الهوة بين المهيمنين والمسيطرين على وسائل الإنتاج، والقوى المنتجة من طبقة عاملة وعموم الكادحين.


ومنذ سنة 1997، توجهت كل الجهود إلى إيقاف عمليات النزيف المالي والدخول في عمليات إصلاحات سياسية واسعة، سرعان ما تم الالتفاف عليها من طرف القوى المحافظة، التي مثلها حزب العدالة والتنمية والذي أقدم على قرارات قاسية، أفرغت المكاسب الاجتماعية من مضامينها المتقدمة والتي راكمتها بلادنا على مدى عقود من الكفاح الاجتماعي.


لتعاد مرة أخرى صياغة السؤال الجوهري عن معنى التنمية ونموذجها المطلوب في مجتمع لم يتوفق إلى اليوم في ردم هوة التباينات الاجتماعية التي تغذي الهشاشة وتعمل على انتشارها وتقصي فئات واسعة من المواطنين في الانخراط في عمليات المسلسل التنموي للبلاد ؟


إن العالم يواجه اليوم تناقضات جوهرية بين وفرة الانتاج وتقلص إمكانيات الاستهلاك، ولا حدود لتجاوز هذه الأوضاع ذات التداعيات الاجتماعية المكلفة و نتائجها الكارثية، إلا بمزيد من رعاية الحقوق الاجتماعية للطبقات المتوسطة والعاملة والتشجيع على استقرارها الوظيفي، وتعبئتها بالانخراط في المنظمات العمالية وتمتيعها بالأجور اللائقة، التي تسمح لها باسترداد مكانتها الطبيعية في الاستهلاك وتلبية ضروراتها الاجتماعية، وتجويد مستوى حياتها في المعرفة والصحة والسكن اللائق.


إن هذه الخيارات الاستراتيجية بالذات، هي التي تعرف نقاشات واسعة حتى في صفوف الأنظمة الرأسمالية، التي استفاقت على هول تناقضات اقتصاد السوق الذي عمل على تبضيع الانسان وقيمه الاجتماعية الخلاقة في التضامن الجماعي لتجاوز الأزمات المرتبطة بالجشع المالي وما ظل يولد من توترات دائمة.

One thought on “التعثر الديمقراطي

  1. اللع بنعل ليميحشم. حيت الهضرة عليك كتيرة والسمعة ديالك فالكوين المهني هي نفسها عند البصري في الداخلية. والحمد لله انني كموظف في التكوين المهني حصل لي الشرف انني لم اصادفك ولو لمرة ولم تكن لي الفرصة كي ااكد واكدب كل الخلعة التي كنت ركبتها في الموضفين

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *