افتتاحية مجلة 24:هل أبكي أم أضحك؟

افتتاحية مجلة 24:هل أبكي أم أضحك؟
بقلم فؤاد الجعيدي


تختلط علي المشاعر اليوم بعدما بلغت من العمر عتيا، واشتعل رأسي شيبا. هل أبكي أم أضحك؟ هل أستمر في الكتابة أم ألوذ إلى الصمت؟
باتت مواقف رئيس حكومتنا تضايقني بقوة.، حيث تعددت خرجاته في مواجهة الشباب، كما حدث مع اليوتبر ميساء حين انشغل بها في اجتماع حزبه وتعرض لها بالأخضر واليابس. كنت أظن أن الأمر حادث عابر، يستعصي عن التأويل.
من يكون رئيس الحكومة؟ هو شخصية عمومية ورجل من رجالات الدولة، يمارس السلطة التنفيذية، ويرأس مجلس الحكومة الذي يتداول في القضايا السياسة العامة للدولة والسياسات العمومية، والسياسات القطاعية والقضايا الراهنة، المرتبطة بحقوق الإنسان وبالنظام العام، ومشاريع القوانين، ومن بينها مشروع قانون المالية، و مراسيم القوانين، ومشاريع المراسيم التنظيمية، والمعاهدات والاتفاقيات الدولية وتعيين الكتاب العامين، ومديري الإدارات المركزية بالإدارات العمومية، ورؤساء الجامعات والعمداء، ومديري المدارس والمؤسسات العليا، وكذا التعيين في باقي المناصب العليا، بما فيها التعيين في بعض الوظائف المدنية وتعيين المسؤولين عن المؤسسات والمقاولات الاستراتيجية.
لكن هذه الشخصية العمومية، تروج حولها أخبار مفادها أنها قد أقدمت على رفع دعوى ضد شاب من مدينة سطات، ومطالبته بعشرين مليونا، يؤديها لفائدة الشخصية العمومية التي تعتقد أنها أصابها التجريح.
مهما كانت زلة الشاب، أن يصل الإكراه إلى المطالبة بهذا المبلغ المالي، لا يعني سياسيا إلا أمرا واحدا هو الرغبة في تكميم الأفواه والحيلولة دون حرية التعبير.
أقول سياسيا، ليس من حق رئيس الحكومة أن يواجه شابا أمام القضاء، وهو الرجل الثاني في هرم السلطة بالبلاد وله منصب سياسي يدير به ومن خلال اختصاصاته شؤون الأمة.
أن يواجه رجل الدولة بكل الاختصاصات التي تقلدها كأمانة، يوجه ويدبر ويعين ويقيل ويتابع شابا على موقف، أمر يحتاج منا إلى الاقتناع أننا لا نسير في الاتجاه الصحيح ،حيث أن الشاب المطالب بعشرين مليونا، لا يمتهن سوى حرفة الصحافة في مقاولة ناشئة لا تقوى على الصمود في ظل الإكراهات التي تواجهها الصحافة الرقمية المحلية، وبدون دعم ولا يتوفر على دخل قار، إنها وصمة عار بكل المعايير الكونية.
إنها مواجهة غير متكافئة، وما كان لها أن تكون لو أن رئيس حكومتنا، تخلص من أنانيته وتخلى عن عباءته الحزبية وظهر لكل الناس وبمختلف أطيافهم أنه رئيسا لكل الناس وليس لبعضهم.
أعلم جيدا، أن رئيس الحكومة يدرك تمام الإدراك أن الشاب المعني بالمتابعة مهما اتسع خياله في وضعيته الراهنة لا حول ولا قوة له بعد هذه الأرانب التي وضعها رئيس حكومتنا لإجباره على الصمت وقطع اللسان.
أعتقد أن كذا رهان خاسر ويسيئ في المقام الأول لهذه الشخصية العمومية وللحزب الذي تمثله، بهذا النزول إلى معترك الصراع مع الشباب بعدما فاته الأوان لمواجهة ومجابهة القضايا الاجتماعية الكبرى في الصحة والتعليم والشغل. وبعدما عجز عن الإيفاء بالوعود الذي قدمت للمغاربة في الارتقاء بالأداء الاقتصادي ورفع وتيرة النمو.
لنقلها دون خجل ما هكذا تمارس السياسة، في بلد تأخذه كل التطلعات لتوسيع هوامش حرية التعبير وبالأخص في صفوف الشباب، وليس فتح أبواب المواجهة معهم والتصدي إليهم.
لا يسعني في لحظات حزني، سوى أن أقول: (سير أبابا العثماني، لعطاتك ليام دير كاطريام )

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *