افتتاحية مجلة 24:هل تلغي الحكومة المغربية عيد الأضحى لهذه السنة؟

افتتاحية مجلة 24:هل تلغي الحكومة المغربية عيد الأضحى لهذه السنة؟
بقلم:أزلو محمد

تتردد همسات بين الأزقة والشوارع، تجوب الأحاديث المجالس والمقاهي، وتتسلل التساؤلات إلى أعماق النفوس: هل سيُلغى عيد الأضحى هذا العام في المغرب؟ سؤال صار هاجسًا يشغل بال العديد من المغاربة، في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية باتت تثقل كاهل المواطن البسيط، وأزمات متلاحقة زادتها قساوة سنوات الجفاف وغلاء المعيشة.

لقد عُرف عيد الأضحى في الثقافة المغربية، كما في باقي دول العالم الإسلامي، بأنه عيد البهجة والرحمة، عيدٌ تجتمع فيه الأسر حول مائدة واحدة، يحتفلون بفداء سيدنا إبراهيم، ويتشاركون لحظات الإيمان والفرح. لكن هذا العيد، الذي كان رمزًا للكرم والاحتفاء، أصبح في السنوات الأخيرة عبئًا ثقيلًا على كاهل فئة واسعة من المواطنين.

لا يخفى على أحد أن المغرب قد عاش خلال السنوات الأخيرة موجةً من الجفاف الحاد، الذي أثر على الزراعة، وأضعف إنتاج الماشية، وزاد من تكاليف الأعلاف. فبسبب قلة الأمطار، تراجعت قدرة المزارعين على توفير الغذاء للماشية، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الأضاحي لمستويات غير مسبوقة. وبالنسبة للمواطن البسيط، الذي بالكاد يتمكن من تأمين احتياجاته اليومية، فإن شراء أضحية بات أشبه بحلم بعيد المنال.

إلى جانب الجفاف، تأتي أزمة غلاء المعيشة لتزيد الطين بلة. فقد شهدت الأسواق المغربية ارتفاعًا في أسعار المواد الغذائية الأساسية، مما جعل القدرة الشرائية للمغاربة في تدهور مستمر. وباتت الأسر المغربية تواجه معضلة يومية في توفير لقمة العيش، فكيف لها أن تُفكر في شراء أضحية تكلف آلاف الدراهم؟

في ظل هذه الظروف، ارتفعت أصوات عديدة تدعو الحكومة المغربية إلى اتخاذ قرار جريء بإلغاء عيد الأضحى لهذه السنة. يرى أنصار هذا الاقتراح أن إلغاء العيد قد يخفف من الضغط النفسي والمادي على الأسر، ويتيح استخدام الموارد بشكل أفضل لدعم الفئات الأكثر تضررًا. كما يعتقدون أن التضامن الجماعي في هذه اللحظة الصعبة يمكن أن يحل محل التقاليد.

لكن هذه الدعوات لم تمر دون إثارة الجدل. فهناك من يعتبر أن عيد الأضحى ليس مجرد طقس ديني، بل هو جزء من الهوية الثقافية للمغاربة، ورمز للتضحية والصبر. ويرون أن إلغاء العيد قد يُفسر على أنه تخلي عن قيم دينية عميقة ومتجذرة في المجتمع.

الحكومة المغربية تجد نفسها اليوم في موقف لا يُحسد عليه. فهي مطالبة بالموازنة بين الحفاظ على التقاليد الدينية والاجتماعية من جهة، وبين مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية من جهة أخرى. ليس من السهل اتخاذ قرار بشأن عيد الأضحى، فهو قرار تتداخل فيه العوامل الدينية والثقافية والاقتصادية.

ربما يكون الحل في مقاربة وسطية، حيث يتم تشجيع الأسر التي تعاني من ضائقة مالية على عدم تكليف نفسها بما لا تطيق، مع توفير برامج دعم للفئات الأكثر هشاشة. كما يمكن للحكومة أن تعزز دعوات التبرع والتكافل بين المواطنين، بحيث يتحول العيد إلى مناسبة للتضامن بدلًا من أن يكون عبئًا ثقيلًا.

في النهاية، لا يمكن إنكار أن عيد الأضحى يحمل في جوهره رسالة عميقة عن التضحية والتكافل. وربما تكون هذه الأزمة فرصة لنا جميعًا لإعادة النظر في طريقة احتفالنا بالعيد، لنُبرز قيمه الحقيقية بدلًا من التركيز على المظاهر المادية.

سواء تم إلغاء العيد أم لا، فإن الأهم هو أن يبقى التضامن حاضرًا في قلوب المغاربة، وأن نواجه هذه التحديات بروح التعاون والإيمان بأن الغد سيكون أفضل. لأن المغرب، كما عهده التاريخ، بلد الصبر والصمود، قادر على تجاوز كل المحن، مهما اشتدت قسوتها.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *