بوجدور: انتشار مستودعات سرية لتخزين الدقيق المدعم
تواجه بوجدور ظاهرة انتشار المستودعات السرية لتخزين دقيق الدعم وترويجه بطرق غير قانونية خارج نطاقه المشروع، إذ يعمد بعض التجار والمستغلين إلى تخزين كميات كبيرة من الدقيق المدعم المخصص للفئات المحتاجة في مستودعات سرية بعيدا عن أعين الرقابة، بهدف تحقيق أرباح كبيرة على حساب الفئات المعوزة التي يفترض أن تستفيد من هذا الدعم، وتثير هذه الظاهرة العديد من التساؤلات حول أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، خاصة أن استغلال الدقيق المدعم بهذه الطريقة يؤدي إلى حرمان الأسر المحتاجة من الاستفادة منه، وإحداث سوق سوداء تلحق أضرارا مباشرة بالمواطنين.
وقالت الصباح التي أوردت التفاصيل، إن بوجدور، المعروفة بلقب مدينة التحدي، هي مدينة ساحلية صغيرة تقع على المحيط الأطلسي، على بعد 180 كيلومترا من العيون، ويبلغ عدد سكانها حوالي 60 ألف نسمة، تتميز المدينة بمعالمها التاريخية، وأبرزها المنارة التي تعد جزءا من ذاكرة المدينة وأول نواتها، كما تشتهر بوجدور بمينائها، الذي يعد ثالث أكبر ميناء للصيد البحري في الأقاليم الجنوبية، حيث يتم تفريغ حوالي 70 ألف طن من الأسماك المتنوعة، من القشريات والرخويات وأسماك الأعماق، محققة معاملات تصل إلى نحو 700 مليون درهم سنويا. ورغم هذه العائدات الكبيرة، إلا أن تأثيرها على اقتصاد المدينة محدود بسبب قلة المصانع المحلية التي قد تستفيد من هذه الموارد، كما تسعى بوجدور جاهدة لتحقيق نهضة تنموية من خلال مجموعة من المشاريع الحيوية التي ينتظر السكان تنفيذها، ومن أبرز هذه المشاريع تعميم شبكة التطهير السائل في المدينة، وإقامة محطة ضخ ومحطة لمعالجة المياه العادمة، وتوفير خدمات كهربائية مستدامة للسكان وتلبية احتياجاتهم المتزايدة.
تتميز بوجدور بموقعها الإستراتيجي بين العيون والداخلة، وهو ما جعلها نقطة جذب لشبكات الاتجار غير القانوني في الدقيق المدعم، إذ يستغل المضاربون هذا الموقع لتخزين كميات كبيرة من الدقيق المدعم المخصص للأقاليم الجنوبية في مستودعات غير قانونية، حيث يعاد طرحه بأسعار مرتفعة في الأسواق غير الرسمية، وهو ما يفاقم الأعباء الاقتصادية على الفئات الهشة التي تعتمد على هذا الدعم الحكومي لتلبية احتياجاتها من المواد الغذائية الأساسية.
وتعتمد شبكات الاتجار بالدقيق المدعم على استبدال أكياس الدعم بأخرى عادية في مستودعات سرية، بهدف توجيهها إلى أسواق المدن الكبرى لتحقيق أرباح طائلة، وسبق أن أُدين عدد من المتهمين في بوجدور بتهمة المضاربة في الدقيق المدعم بعد ضبط كميات كبيرة مخبأة في مخازن غير مرخصة، فيما أصدرت محكمة العيون أحكاما بالسجن ضدهم، وتعكس هذه الأحكام الجهود القانونية المبذولة لمواجهة هذه الظاهرة، إلا أن الحاجة ما زالت ملحة لتعزيز الرقابة وتضييق الخناق على شبكات المضاربة للحد من تأثيرها السلبي على الفئات الأكثر احتياجا في المجتمع.
أصبحت بوجدور من أبرز النقاط الإستراتيجية التي تغري شبكات الهجرة السرية بتنظيم رحلات مباشرة إلى جزر الكناري باستخدام القوارب المطاطية، التي باتت الطريق المفضل للهجرة غير النظامية، ويقوم المنظمون بتنفيذ هذه الرحلات بوتيرة متزايدة، حتى في ظروف جوية صعبة وبحر هائج، مما يشكل خطرا كبيرا على حياة المهاجرين، وقد شهدت المنطقة، الأسبوع الماضي، حادثا مأساويا، حيث جرفت أمواج المحيط الأطلسي العشرات من الجثث إلى شاطئ بوجدور، تعود لمهاجرين كانوا في طريقهم إلى جزر الكناري بعد انقلاب قاربهم، وكان أغلب الضحايا من دول إفريقيا جنوب الصحراء.