افتتاحية مجلة 24: عن التطبيع، الضباع تنهش لحم المفكر المغربي ناشيد
من منطلقات وطنية صرف، وإسهاما في النقاش البناء، والمسؤول والجريء، داخل مجموعة (مشروع الحزب اليساري الجديد) والتي تظم ثلة من المناضلين، والمفكرين من حساسيات سياسية متباينة، قاسمها المشترك، الإيمان بالتحليل العلمي، والانحياز للواقعية الفكرية، إزاء التناقضات الاجتماعية ودرجة حدتها، وثقل البنيات المحافظة وقدرتها على الوقوف في وجه التغيرات المطلوبة اليوم، في المجتمع المغربي.
فتح النقاش بيننا، دون أوهام ودون جمود عقائدي، ولا خطوط حمراء، لكننا استحضرنا، تجاربنا النضالية، داخل أحزاب اليسار المغربي، ومشاركاتنا السياسية لعقود من الزمن، ووقفنا عند الأسباب الموضوعية، لتغييب عوامل التغيير المطلوبة، وعدم استحضار ثقافة التحالفات الممكنة، على الأهداف والقواسم المشتركة، لإنجاز تطلعات المرحلة التي تجتازها البلاد، والدخول في مناوشات بين الفينة والأخرى لتعطيل إمكانيات التغيرات المنشودة.
ووصلنا لحقائق، تساءلنا معها عن جوهر هذه الانحرافات السياسية والإيديولوجية، التي أصابت نخبنا السياسية، وقوضت إمكانياتهم في الضغط، عبر التعبئة و التأطير للمعارك الاجتماعية، في الوقت الذي ظل فيه الاتحاد المغربي للشغل، يقود الاحتجاجات على المستوى الميداني وداخل غرف المستشارين، للتنديد بتدهور الأوضاع، التي رافقها التصور الملكي في دعوة الفرقاء للتفكير، في نموذج تنموي جديد يتجاوز الصعوبات والهشاشة الاجتماعية التي توقظ مضاجع آلاف الأسر المغربية.
في هذه الظروف بالذات، برزت معطيات حملتها رياح تغيير موقف الإدارة الأمريكية، واعترافها بمغربية الصحراء، وفي ظل هذه الشروط الجديدة، فتح النقاش مع دولة إسرائيل، للحديث عن تطبيع العلاقات بينها وبين المغرب.
ولا ننسى أنه في الوقت الذي كانت فيه، الأصوات تتعالى من قلب إسرائيل بمدينة أشدود، والهتاف بمغربية الصحراء، ورفع الأعلام الوطنية المغربية، وصور ملوك المغرب، كانت بعض الأصوات الفلسطينية تعلن عدائها ومواقفها المتطرفة، من أم قضايانا الوطنية وتناصر خصومنا.
لم نتردد في الدفاع، عن تطبيعنا مع الدولة العبرية، بكل الوضوح المطلوب والمسؤولية التاريخية، كما نعتقد في ذلك أن الوطن ليس مجالا للمزايدات الرخيصة، وليس هذا الموقف بالذات الفرصة المواتية لجذب الثور من قرنية.
كانت لنا قناعة واحدة وثابتة وراسخة، أن مصالحنا الوطنية فوق كل اعتبار. كما للفلسطينيين قناعاتهم الوطنية وتطبيعهم الذي يلائم مصالحهم.
لكن في هذه المواقف، لن نسمح، لبعض المواقع المساس بمواقفنا ومفكرينا، كما فعل موقع (دوبل كروس) البئيس والرديء وهو امتداد اليوم، للصحافة الصفراء، الذي يتأسس من مجموعة من بؤساء الفكر، الذين يقتاتون من العطايا، ولهم أجور مدفوعة سلفا، للقيام بمهام النذالة، ويقدمون مجلس أمنائهم على أساس أنهم (بروفسورات) لكن في الدجل السياسي.
هؤلاء المرضى، خصصوا مقالة لرفيقنا، المفكر ناشيد سعيد تحت عنوان: شجرة الخلد والتطبيع مع إسرائيل، قرأوا أفكار رفيقنا ودفاعه عن التطبيع من منطلقات لا تستحضر جدلية الصراع العربي الإسرائيلي، ولا تتأمل في المنعطفات التي أخذها هذا الصراع، مع بروز دعوات السلم والتعايش بين الشعبين، والمسارات التي قطعتها المفاوضات منذ القرن الماضي، واللقاءات العلنية والسرية بين الفلسطينيين والإسرائيليين على موائد التفاوض من أجل إقامة سالم عادل ودائم بين الدولتين.
إن الخلفيات التي تتحكم في هذا الموقع، يتضح منها أن لها موضوعا واحدا وبمهمة وحيدة، وهي التصدي باللغة الإنشائية، والخطابات السفسطائية على واقع معقد، تتحكم في مفاوضات جارية بين الأطراف المعنية بالصراع في منطقة الخليج العربي، ودفاع الدول عن مصالحها الجيّو سياسية الحيوية. وأن إدراك هذه الأبعاد، هو ما يتيح اليوم لمفكرنا سعيد ناشيد المساهمة فيها كمعني، بشروط التقدم الاجتماعي، لبلده المغرب، وفي خضم هذه الجبهة، سنظل حاضرين للمواجهة السياسية والإيديولوجية، مع كل الذين باعوا أصواتهم للمنابر الأجنبية من المغرب وفلسطين والعراق والأردن وهي النخبة التي تقف وراء موقع (دوبل كروس) وتقتات من عطايا الأنظمة المناوئة.