منتخبنا اكتسب شخصية “البطل”

منتخبنا اكتسب شخصية “البطل”
بقلم: إلياس الحرفوي

المنتخب المغربي اليوم أصبح نموذجًا حيًا لشخصية البطل التي تُصنع بالعمل المتواصل، الانضباط، والتفاني. هذا النموذج يمتد عبر كل فئاته السنية ومشاركاته القارية والدولية، ولم يعد يعتمد على الصدفة أو الحظ، بل يقوم على قاعدة ثابتة وواضحة: لاعب يلعب من أجل الكأس، يفكر بعقلية الفوز، يتحرك داخل الملعب برؤية تكتيكية واضحة، ويُراكم إنجازاته بهوية مغربية خالصة، قيادةً وتكوينًا وفكرًا كرويًا. هذا التحول لم يأت بين ليلة وضحاها، بل هو نتيجة سنوات طويلة من العمل الجاد، الصبر، والتراكم المستمر لكل تدريب وخبرة، مدعومًا برؤية واضحة وتخطيط دقيق من المسؤولين والأطر المغربية.

على هذا الأساس، صار المنتخب حاضرًا بقوة في كل المنافسات، لا يشارك من أجل التمثيل المشرف فقط، بل ينافس بجرأة ويواجه الكبار بلا خوف، فمنذ نصف نهائي المغرب في مونديال 2022 بقطر، بدا واضحًا أن الكرة المغربية دخلت مرحلة جديدة من التميز والإبهار. الألقاب لم تعد مقصورة على المنتخب الأول فقط، بل امتدت لتشمل جميع الفئات: من برونزية الألعاب الأولمبية باريس، إلى أبطال العالم لأقل من 20 سنة، مرورًا بالقاب إفريقيا المختلفة. هذا النجاح الشامل يعكس عمق العمل المستمر والاستثمار في المواهب منذ الصغر، ويجعل كل فئة تلعب بروح البطل نفسها، مع عقلية الفوز والوضوح التكتيكي.
البطولة العربية في قطر 2025 كانت خير دليل على هذا التحول. المنتخب أبان عن شخصيته وروحه الصلبة، رغم الانتقادات والضغط في المباريات الأولى، وتحديات الإصابات في صفوف النجوم مثل الهنوري، وأشرف بنشرقي، وميهري. المدرب طارق السكيتيوي تعامل بذكاء مع الصعوبات، وأخرج الفريق بأسلوب تصاعدي، وانضباط تكتيكي وروح قتالية عالية. حتى المباراة المثيرة ضد منتخب الأردن، التي امتدت إلى الأشواط الإضافية وانتهت بفوز المغرب 3-2، كانت إثباتًا على أن منتخبنا يعرف كيف يحسم المباريات الصعبة بعقلية البطل.
الأهم في كل هذا، أن هذه الإنجازات تُحقق اليوم بأطر مغربية، بفكر مغربي، وبقناعة وطنية بأن الاستثمار في الإنسان والرؤية هو الطريق الأقصر نحو المجد. منتخبنا لم يعد ينتظر الفرديات لتنقذه، بل صار يصنع قوته من الجماعة، من وضوح المشروع، ومن الإيمان بأن البطل لا يولد في النهائي، بل يُبنى قبل ذلك بسنوات. وما يميز الكرة المغربية أيضًا هو اتساق أسلوب اللعب عبر جميع الفئات، حيث أصبح “الستيل المغربي” واحدًا، متجذرًا في روح الفريق وهوية واضحة.
مع كل هذه الإنجازات، يبقى الحلم الأكبر للشعب المغربي هو كأس إفريقيا، خصوصًا أن النسخة المقبلة ستقام على أرض الوطن أمام جماهير متعطشة للفرحة والانتصار. كل الظروف مواتية هذه المرة: الأرض، الجمهور، التحضير الفني، والدعم الرسمي الكبير، وكل هذا يُحفز الركراكي واللاعبين لتحويل الطموح إلى واقع ملموس وتحقيق المجد الذي طال انتظاره.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *