الفنيدق فشل المشاريع و هروب الاستثمار نتيجة الاهمال و العشوائية و الفوضى

الفنيدق فشل المشاريع و هروب الاستثمار نتيجة الاهمال و العشوائية و الفوضى
الفنيدق: عمر اياسينن

رغم كل الوعود والشعارات التي رافقت إطلاق مشروع المنطقة الاقتصادية الخاصة بمدينة الفنيدق، لا تزال المدينة تعيش على وقع الفوضى والعشوائية، في ظل بيئة غير صالحة بأي مقياس لممارسة التجارة أو جذب الاستثمار.

فمنذ وقف التهريب المعيشي الذي كان يمثل شريان الحياة الاقتصادية للمنطقة، لم تتمكن المشاريع البديلة، وعلى رأسها المنطقة الاقتصادية، من تحقيق أدنى أثر ملموس على أرض الواقع، سواء على مستوى تشغيل الشباب أو على مستوى إعادة هيكلة التجارة المحلية. بل على العكس، تعيش المدينة حالة من التسيب والارتجالية، و لا قانون وسادت ظواهر التجارة العشوائية واحتلال الملك العمومي و “الفيلاجات” والتجار المتجولين دون تنظيم ولا مراقبة.

هذا الواقع أفرز بيئة طاردة للمستثمرين، الذين وجدوا أنفسهم أمام غياب الرؤية والاستقرار، وانعدام البنيات التحتية الداعمة للاستثمار، ناهيك عن ضعف التأطير الإداري وانعدام الحوافز الجدية. فكيف يمكن لمستثمر أن يغامر برأس ماله في منطقة لا تحترم القواعد التنظيمية الأساسية، و مدونة التجارة ولا توفر مناخاً تنافسياً شفافاً؟

وإذا كانت المنطقة الاقتصادية قد شُيدت على أساس كونها بديلاً للتهريب ومنصة لإعادة دمج المتضررين من الإغلاق الحدودي، فإن فشلها أصبح واقعاً لا يمكن إنكاره، نظراً لعزلها التام عن نسيج المدينة، وغياب أي سياسة مرافقة لربطها بمسارات التنمية المحلية، أو إشراك الساكنة ومهنيي المدينة في تصورها وتفعيلها.

التدهور الاقتصادي الذي تعرفه مدينة الفنيدق اليوم ليس نتاج الصدفة، بل هو نتاج لسياسات مرتجلة، وإهمال مقصود، وتغوّل مظاهر العشوائية، والتساهل مع الفوضى بدل فرض القانون وتنظيم الفضاء العمومي. ويكفي أن نتأمل كيف تم إفراغ السوق المركزي من دوره التجاري، مقابل تزايد أسواق الشوارع و الأرصفة و التجارة الغير المهيكلة، لندرك حجم الاختلالات التي تنخر جسد المدينة.

لقد آن الأوان لمراجعة شاملة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة، وفق رؤية تشاركية مندمجة، تعيد الاعتبار للتاجر المحلي، وتخلق مناخاً ملائماً للاستثمار، وتعيد ربط المشروع الاقتصادي بطموحات وانتظارات السكان.

فبدون ضبط الأسواق، وتحقيق الأمن التجاري، وتوفير بيئة حقيقية لممارسة النشاط الاقتصادي، ستظل الفنيدق مدينة الفرص الضائعة، تُنَفّذ فيها المشاريع على الورق فقط، وتُترك ساكنتها لمصير الغرق في العشوائية والفقر.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *