الدورة الرابعة للملتقى الثقافي لبني خلوق (عن بعد) تحت عنوان :التراث المادي بالشاوية والمقاومة الوطنية ببني مسكين

الدورة الرابعة للملتقى الثقافي لبني خلوق (عن بعد) تحت عنوان :التراث المادي بالشاوية والمقاومة الوطنية ببني مسكين

انطلقت أشغال الملتقى الثقافي الرابع (تراث وأعلام الشاوية ) دورة 2020 يوم السبت 5 دجنبر بفضاء جماعة بني خلوق بحضور ممثلين عن الجهات المنظمة وستة من المتدخلين وحضور قليل ، وبموازاة ذلك نقلت وقائع الندوة على صفحات التواصل الاجتماعي وقناة اليوتوب الخاصة بمختبر السرديات ومديرية الثقافة بسطات.

كلمة مختبر السرديات الذي أشرف علميا على الندوة وعلى كتاب هذه الدورة، ألقاها شعيب حليفي ، منسق هذا اللقاء، والذي تحدث عن دور الجامعة والمثقف في مغامرة استكشاف تاريخنا الثقافي من خلال التراث المادي ، كما تحدث عن دلالات عقد هذا اللقاء لترسيخ دور المعرفة المرتبطة بالإنسان والمجتمع. وفي كلمته باسم الجماعة الترابية بني خلوق، تحدث رئيس الجماعة عن دور الثقافة في التنمية الجماعية، كما تحدث بوشعيب الإدريسي ممثلا لمديرية الثقافة بسطات عن مسؤولية وزارة الثقافة بهذه الجهة وأن اهتماماتها تنصب على الإقليم من أجل جعل الثقافة رافعة للتنمية والتقدم. أما كلمة الأستاذ أحمد فحلي نائب رئيسة جامعة الحسن الأول بسطات فقد أبرز الاهتمام الاستراتيجي للجامعة بالمحيط ، خصوصا في ما يخص الذاكرة والتراث، وأشار إلى المشاريع التي تنوي الجامعة مباشرتها قريبا في جعل المعرفة العلمية في خدمة الفلاح والفلاحة.

بعد ذلك جاء دور المداخلات في هذه الندوة الرابعة التي تنظمها المديرية الإقليمية للثقافة بسطات والجماعة الترابية لبني خلوق بتعاون مع جامعة الحسن الأول بسطات وجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء وبإشراف علمي مختبر السرديات والخطابات الثقافية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك.

 في الجلسة الاولى تطرق الاستاذ نورالدين فردي الذي قدم مداخلة بعنوان "قراءة في تقرير فرنسي حول بني مسكين"، لأهمية الاطلاع على الكتابات الكولونيالية ،لما توفره من معطيات وإحصائيات ورصد للواقع الاجتماعي والاقتصادي  خصوصا في فترة الحماية رغم طابعها الاستعماري، وهذا ما يفرض على الباحث معرفة استغلالها بعد إخضاعها للتحليل التاريخي ووقف الأستاذ الباحث على نموذج من إحدى هذه الكتابات ،ويتعلق الأمر بتقرير حول قبيلة بني مسكين لبول طريس، والذي اعتبره من اهم الكتابات حول المنطقة.

تضمن هذا التقرير 113 صفحة ، وكتب في أواخر فترة الحماية من قبل بول طريس المكلف بإدارة الترتيب في البروج، رصد فيه التحولات التي عرفتها المنطقة على مختلف المستويات. بدا طريس بالوقوف على تاريخ قبيلة بني مسكين و استقرارها بالمنطقة، حيث استمد معلوماته من الباحثين الفرنسين الذين اهتموا بالكتابة حول المغرب في بداية الفترة الاستعمارية ويرجع طريس استقرار بني مسكين في المنطقة الحالية الى القرن 17 م، حيث تأثرت بالصراعات التي عرفها المغرب وفي القرن 19 استطاعت تكوين قيادة خاصة بها على يد القائد الشافعي.

وتضمن هذا التقرير أيضا معطيات حول القبيلة من خلال الوقوف على مآثرها ،والطقوس الممارسة بها ( نموذج المواسم ) ، وأولى أهمية لتكوين قيادتها ( المكونة من قيادتين أولاد علي وأولاد الناجي) . واستفرد هذا التقرير بتفاصيل دقيقة حول الدواوير المكونة للقبيلة بسرد المعلومات حول الحرف والاعيان والسكن وعدد السكان والاستغلال الفلاحي والمواصلات.

أما مساهمة الأستاذ محمد معروف الدفالي(كلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق الدار البيضاء) فجاءت بعنوان: “زناتيو الشاوية، إطلالة على بعض الموروث التاريخي” توقف فيها عند القبيلة باعتبارها عمقا تأسس عليه النظام الاجتماعي في المغرب القديم والعصر الوسيط، وقد أشار الباحث كلمته في الحديث إلى ما دار بين المؤرخين والباحثين حول أصلها (العربي/ الأمازيغي) وما تلا ذلك من ترجيح لهويتها الأمازيغية التي تعود إلى مادغيس الأبتر وذريته، وكيف انتشرت زناتة في عموم شمال إفريقيا والمغارب خاصة مع بداية الفتح الإسلامي كما يرى ابن خلدون في تاريخه لهذه العصبية القبلية، غير أن الباحث سيركز بشكل خاص على زناتة الشاوية التي استوطنت المناطق الساحلية من الشاوية وقد توقف عند ما خلفته هذه المجموعة من آثار عمرانية وقصبات، كما حاول تبيان نمط العيش الزناتي الذي أورثها العديد من الصفات والمزايا في مقدمتها الشجاعة والفروسية وما أدته من أدوار حاسمة في تاريخ المغرب القديم والوسيط والمعاصر.

وفي مداخلته التي تناولت حياة المقاوم الوطني رحال المسكيني، توقف المتدخل عبد الله أميدي (في ورفة مشتركة مع أحمد الناهي بعنوان: “رحال المسكيني رمز الفداء ونكران الذات”) توقف عند عدة محطات من حياة هذا المقاوم، بدءا بكيف انطلقت فكرة البحث في سيرته بصورة معلقة على الجدار لتتوقف المداخلة بداية عند مرحلة الولادة والنشأة بقبيلة بني مسكين إقليم البروج مساهما مع بني جلدته القرويين في مختلف الإعمال الزراعية، مرورا بمرحلة مغادرة أسوار القبيلة تجاه سطات بالشاوية حيث ستظهر مساهماته الأولى في العمل الوطني، ليلتحق بعدها غداة نفي سلطان المغرب بالعمل الفدائي الذي أبلى فيه البلاء الحسن بعمليات نوعية، وتوقف المتدخل بعدها عند مرحلة الاعتقال وما تلاها من هروب وتوجه نحو سيدي افني للالتحاق بجيش التحرير.وهي مرحلة هامة في مساره الوطني بما قدمه من تضحيات رفقة رفاقه.

وقدم الأستاذ الباحث خالد السرتي(جامعة الحسن الثاني كلية الآداب بنمسيك الدار البيضاء ) مداخلة بعنوان : “مدائن تامسنا: تراث عمراني طاله النسيان” بين من خلالها كيف أن منطقة تامسنا لم تكن معزولة عن الأحداث والتيارات التي أثرت في تاريخ بلاد المغرب محليا وإقليميا، لكن لما اختفى اسم تامسنا واندثرت معه مجموعة من معالم الموروث الثقافي المادي واللامادي الذي يميز المنطقة. وإذا كانت الدراسات والأبحاث قد أولت اهتماما لكثير من مظاهر الثقافة المحلية، فإن الاهتمام بأنماط الاستقرار البشري في أطوارها المختلفة مراكز وقرى ومدائن وتجمعات حضرية كاد ينتهي ذكرها. وقد توقف الباحث عند مظاهر التطور العمراني والمديني لمنظقة تامسنا عبر التاريخ خاصة خلال المرحلة البورغواطية التي كانت لها فرادتها وتأثيرها وأيضا عند مراحل التراجع في حركة التمدين بالمنطقة لأسباب مختلفة.

   أما الباحثة أسماء الرفاعي التي ساهمت بمداخلة بعنوان: "جوانب من التراث المعماري لمنطقة الشاوية: القصبات من خلال الكتابات التاريخية والبحث الميداني نموذجا" فقد حرصت على تعداد أهم القصبات التي أدت أدوارا محورية في الحياة القبلية والاجتماعية بالشاوية سواء تلك التي ما زالت قائمة أو تلك التي هدمت بفعل عوامل الطبيعة والزمن، أو التي هدمت سبب الحروب والصراعات والنزاعات القبلية والعصبية (قصبة سطات أو القصبة الإسماعيلية، قصبة العين البيضاء،قصية ابن احمد، قصبة دار الشافعي... ).

وقدمت الأستاذة رتيبة ركلمة(جامعة ابن زهر أكادير- ايت ملول) مداخلة بعنوان “مواد وتقنيات البناء بالقصبة الإسماعيلية سطات”، تناولت في البداية القصبة من الناحية التاريخية ودورها في عهد السلطان المولى اسماعيل وما كانت تؤديه من أدوار إدارية غبر التاريخ وكيف تعاقب عليها عدد من قادة سطات وحكامها الى حدود العصر الاستعماري حيث انتزعتها الحماية وفصلتها عن محيطها العمراني . كما توقفت الباحثة بشكل مفصل عند مختلف التفاصيل العمرانية والهندسية والبنائية التي تخص القصبة ومعمارها ومواد بنائها وتشييدها(الحجارة والتراب والطين).

وفي ختام هذا الملتقى، شكر شعيب حليفي الحضور والمساهمين في إنجاح هذه الدورة، ثم ختم بتقديم نسخة هذه الدورة من الكتاب الذي ضم أشغال الملتقى ومقالات أخرى، وأعلن عن بعض التوصيات وموضوع الندوة الخامسة لسنة 2021 حول التصوف في الشاوية.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *