2026 فرصة المغرب الأخيرة لتجاوز دوامة الفشل السياسي

2026 فرصة المغرب الأخيرة لتجاوز دوامة الفشل السياسي
بقلم سعيد حفيظي:

في المغرب، ما زالت السياسة أسيرة معادلة قديمة بين خطاب الإصلاح وواقع الجمود، بين وعود التغيير وممارسة الاستمرار. مع اقتراب انتخابات 2026، يبدو أن السؤال الحقيقي لم يعد من سيقود الحكومة المقبلة، بل هل نحن أمام مشهد سياسي قادر على كسر الحلقة المفرغة أم مجرد إعادة تدوير للأدوار تحت عناوين جديدة؟

ستة وعشرون عامًا من العرش رسمت مسارًا واضحًا: مؤسسة ملكية تمسك بمفاتيح التوازن والاستقرار، أحزاب سياسية تآكل رصيدها الشعبي وتحولت في كثير من الأحيان إلى أدوات تدبير إداري أكثر منها قوى تغيير حقيقية، ومجتمع مدني وحركات احتجاجية لم تلبث أن خبت موجاتها بعد لحظات اشتعال قصيرة. النتيجة كانت مشهدًا باردًا: مؤسسات قائمة لكن الثقة فيها هشة، انتخابات تُجرى لكن المشاركة الشعبية مترددة، وشباب يراقب من الهامش أكثر مما يشارك في صناعة القرار.

خطاب عيد العرش السادس والعشرين جاء ليذكّر الجميع بأن الدولة وضعت خريطة طريق واضحة: عدالة اجتماعية، تنمية شاملة، تجاوز منطق المغرب بسرعتين، واستحقاقات 2026 بوجه جديد أكثر مصداقية. لكن ما فائدة الخطط إذا بقيت الحكومة الحالية غارقة في البطء والتردد؟ هذه الحكومة وُلدت على وعد الكفاءات والقدرة على الإنجاز، لكنها سرعان ما تحولت إلى حكومة إدارة أزمات، عاجزة عن خفض الأسعار، متباطئة في تفعيل السياسات الاجتماعية، بعيدة عن نبض الشارع، وصامتة حين يتطلب الموقف خطابًا سياسيًا صريحًا. لقد انتقل الإحباط الشعبي من الشك في الأحزاب إلى الشك في جدوى العمل الحكومي نفسه، حيث يرى المواطن نفسه محاصرًا بين خطاب رسمي وواقع معيش لا يتغير.

الأحزاب التقليدية مثقلة بإرثها من الإخفاقات، والوافدون الجدد يراهنون على ضجيج الشاشات والمنصات بدل احتكاك الشارع الحقيقي. والاتحاد الاشتراكي الذي حمل يومًا حلم التناوب التاريخي يجد نفسه اليوم يقتات على ذكريات الماضي، يتطلع إلى مقعد في تحالف حكومي أكثر من تطلعه إلى قيادة مرحلة جديدة. المشهد برمته يوحي بأننا أمام موسم سياسي قد يعيد إنتاج نفس القوالب، إلا إذا تجرأت النخب على مصالحة المواطن مع السياسة، وتحويل الانتخابات إلى لحظة أمل حقيقي بدل أن تكون فصلًا إضافيًا في رواية مألوفة عنوانها الاستقرار بلا أفق.

اليوم، المغرب يقف أمام مفترق تاريخي: إما الاستمرار في دورة مغلقة من التدبير البارد حيث تبقى الدولة المحرك الوحيد والأحزاب مجرد كومبارس، وإما القفز إلى سياسة تصنع الثقة وتمنح للمواطن مكانه في القرار والمستقبل. 2026 ليست مجرد موعد انتخابي؛ إنها امتحان لصدق الدولة والأحزاب معًا أمام شعب أنهكته الانتظارات.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *