الدراما الرمضانية المغربية: هل ما نشاهده الآن هو مجرد إثارة أم محتوى يستحق المتابعة؟

تشهد الأعمال الرمضانية التلفزيونية في المغرب متابعة واسعة من قبل الجمهور، وذلك في ظل التنافس المستمر بين القنوات لتقديم إنتاجات تجمع بين الدراما والكوميديا، مما يجعل هذا الموسم من أكثر الفترات التي تحقق أعلى نسب مشاهدة. إلا أنه، ورغم هذه الوفرة الإنتاجية، تبقى بعض الأعمال عرضة للانتقاد بسبب تكرار نفس المواضيع والأنماط الفنية التي تم تقديمها في السنوات الماضية، مما قد يؤدي إلى شعور المشاهد بالملل. فهذه الأعمال، التي تعتمد على القوالب التقليدية، غالبًا ما تفتقر إلى التجديد والإبداع الذي من شأنه أن يضفي قيمة مضافة على الدراما المغربية.من بين الأعمال التي يُنتظر أن تحقق نجاحًا جماهيريًا، مثل مسلسل “الدم المشروك”، نجد أن الجدل الذي أثاره يرجع جزئيًا إلى الطريقة التي تم بها الترويج له، والتي اعتمدت على الإثارة البصرية. وعلى الرغم من أن هذا المسلسل يعرض قصة جديدة نسبياً في الدراما المغربية، إلا أن السرد وطريقة الطرح الفكري قد تفتقران إلى العمق الذي يحتاجه المشاهد المثقف. فالقصة، رغم كونها مبتكرة، تعتمد على تقنيات درامية قديمة تم استخدامها في أعمال سابقة، مما يحد من قدرة هذا المسلسل على تقديم محتوى جديد وجذاب.من جهة أخرى، تفتقر بعض الأعمال الكوميدية إلى الإبداع الذي كان من المتوقع أن يميزها، مثل سلاسل “أولاد يزة” و”صلاح وفاتي”. على الرغم من شعبيتها في المواسم السابقة، إلا أن النصوص الكوميدية قد تحتوي على نكات سطحية وحوارات تُشعر المشاهدين بأنها غير مدروسة، مما يجعل هذه الأعمال تفتقر إلى التفاعل الذكي مع الواقع الاجتماعي الذي تتناوله. إن الإبداع في الكوميديا يجب أن يتجاوز مجرد الاستناد إلى النكات التقليدية، بل يجب أن يعتمد على بناء شخصيات معقدة وسيناريو يتفاعل مع قضايا المجتمع بشكل أعمق.أما مسلسل “الشرقي والغربي” الذي يراهن عليه هذا الموسم، فيعتبر قصة “عداوة عائلتين” و”الرومانسية المستحيلة” من المواضيع التي قد تستهوي الجمهور، إلا أن العمل الفني بحاجة إلى الخروج من دائرة التنميط والتركيز على التناول الفلسفي والاجتماعي لهذه المواضيع. رغم وجود طاقم فني قوي، إلا أن الأعمال التي تقدم نفس الفكرة المتكررة قد تُفقد العمل حيويته وتمنع له من تقديم قيمة جديدة تميزها عن غيرها.بالنسبة لمسلسل “جرح قديم” الذي يُعرض على القناة الأولى، يبدو أن هذا العمل سيظل في دائرة معالجة المواضيع الاجتماعية التقليدية، التي تتمحور غالبًا حول التحديات الإنسانية والتجارب الشخصية المكررة. قد يكون لهذا المسلسل قيمة اجتماعية إذا تمكن من معالجة القضايا بشكل جديد وعميق، لكن التكرار في تقديم نفس الموضوعات قد يقلل من جاذبيته ويؤثر على مصداقيته.
رغم هذه الانتقادات، لا يمكن إنكار الدور الهام لهذه الأعمال في تعزيز الهوية الثقافية المغربية من خلال تقديم مواضيع محلية تمس القضايا الاجتماعية التي تهم المجتمع. إلا أن المشاهد المغربي أصبح أكثر تطلبًا في ظل تنوع الإنتاجات العربية والدولية، وأصبح يبحث عن محتوى يعكس تطور الفن الدرامي بعيدًا عن النمطية والرتابة. التحدي الأكبر يكمن في قدرة هذه الأعمال على تقديم محتوى مبتكر وجديد، مع الحفاظ على مستوى فني عالٍ يمكن أن يثير تفاعل المشاهد بشكل حقيقي.في الختام، رغم الانتقادات الموجهة لبعض الأعمال الرمضانية في المغرب، تبقى هذه الإنتاجات فرصة مهمة لتحسين المشهد الفني والتلفزيوني في البلاد، إذا ما تم تجديد الأفكار وتقديم معالجة درامية مبتكرة تواكب تطلعات الجمهور المغربي وتلبي احتياجاته الثقافية والفنية.