هادي كاينة أسي وهبي: أول مرة أتفق مع وهبي

هادي كاينة أسي وهبي: أول مرة أتفق مع وهبي
أزلو محمد

في خطوة غير مسبوقة، أثار وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي جدلًا واسعًا بتصريحاته الأخيرة التي أعلن فيها عزمه إحالة لائحة بأسماء بعض القائمين على جمعيات حماية المال العام إلى النيابة العامة للتحقيق بشأن امتلاكهم فيلات وسيارات فاخرة دون أن يصرحوا بمداخيلهم. وعلى غير العادة، أجد نفسي متفقًا مع وهبي في هذه النقطة، لأنها تدخل في صميم محاربة الفساد، ولكن بشكل أكثر توازنًا وشمولية.

محاربة الفساد قضية مصيرية تحتاج إلى الشفافية والنزاهة من جميع الأطراف المعنية. جمعيات حماية المال العام، التي من المفترض أن تكون في طليعة هذه المعركة، لا يمكن أن تُعفى من المساءلة. عندما يكون هناك حديث عن أشخاص داخل هذه الجمعيات يعيشون حياة مترفة، بينما يدعون أنهم يحاربون الفساد، فإن ذلك يضرب مصداقيتهم في الصميم. وهبي، في هذه النقطة، يُسلط الضوء على جانب مظلم من العمل الجمعوي، وهو استغلال النوايا الحسنة للمواطنين لتبرير مكاسب شخصية.

تصريحات وهبي جاءت في سياق مناقشة مشروع قانون المسطرة الجنائية، حيث أكد أن محاربة الفساد لا يمكن أن تتم بمنطق “ستاليني شيوعي” يضع الجميع في السجن. هذه الإشارة إلى “الانتقائية” في محاربة الفساد تحمل في طياتها رسالة قوية: لا أحد فوق القانون، سواء كان مسؤولًا، سياسيًا، أو حتى ناشطًا في إحدى الجمعيات.

ومع ذلك، لا بد من الإشارة إلى أن هذه الخطوة يجب أن تكون بداية لمرحلة جديدة من الشفافية والمساءلة، تشمل الجميع بدون استثناء. فكما نطالب بالكشف عن مصادر ثروات المسؤولين الحكوميين، علينا أيضًا أن نطالب بمساءلة الجمعيات التي تستفيد من تبرعات المواطنين، بل وحتى من الدعم العمومي.

وأشار وهبي إلى أن جمعية “ترانسبارنسي” وحدها تتمتع بصفة المنفعة العامة، مما يعني أن نشاطها يخضع لمعايير أكثر صرامة. لكن هذا يطرح تساؤلات أخرى: لماذا لا يتم إخضاع جميع جمعيات حماية المال العام لنفس المعايير؟ إذا كنا جادين في محاربة الفساد، فلا بد من توحيد الإطار القانوني والتنظيمي الذي يحكم عمل هذه الجمعيات، لضمان الشفافية والمساءلة.

إحالة لائحة بأسماء بعض القائمين على هذه الجمعيات إلى النيابة العامة خطوة إيجابية، لكنها تتطلب الحذر والجدية. الهدف ليس التشهير أو الانتقام، بل استعادة ثقة المواطنين في العمل الجمعوي والمؤسساتي. إذا ثبتت صحة الادعاءات، فإن ذلك سيشكل درسًا قاسيًا لكل من يحاول استغلال قضايا نزيهة لمصالح شخصية. وإذا تبين العكس، فسيكون ذلك فرصة لتبرئة الجمعيات المعنية وتعزيز مصداقيتها.

في نهاية المطاف، محاربة الفساد ليست مسؤولية الدولة وحدها، بل هي مسؤولية مشتركة بين الحكومة، المجتمع المدني، والمواطنين. لكن هذه المسؤولية تتطلب أولًا وقبل كل شيء النزاهة والشفافية من جميع الأطراف. تصريحات وهبي، رغم الجدل الذي تثيره، تفتح الباب لنقاش ضروري حول دور الجمعيات في محاربة الفساد، وكيف يمكن تحسين أدائها وضمان نزاهتها.

لهذا، أقول: هادي كاينة أسي وهبي.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *