من يصنع الكراهية ومن يغذيها ؟!

من يصنع الكراهية ومن يغذيها ؟!
عبد العزيز شبراط

أعاد ذبح الفرنسي صامويل باتي مدرس التاريخ معاداة الدين الاسلامي الى الواجهة؛ و هو ما حرك من جديد على امتداد الوطن العربي والاسلامي نشاط مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف تلاوينها وأنواعها؛ وعملت على ترديد الهاشتاكات والنردات؛ الداعية الى مقاطعة المنتوجات الفرنسية؛ ونشر رسومات كاريكاتورية تسيئ للرئيس الفرنسي؛بعدما دافع هذا الاخير على حرية التعبير وغض الطرف عن إعادة نشر رسومات كاريكاتورية تسيئ للرسول محمد؛ هذه المرة لم يقتصر نشر تلك الرسومات على صفحات بعض الجرائد والمنشورات المدعومة من اليمين المتطرف؛بل تجاوزته الى واجهات البنايات العالية؛هذا الفعل ورد الفعل بين الجانبين يبدو للبعض أنه عاديا وقد يتم تجاوزه بعد حين؛ وتعود الامور الى وضعها الطبيعي كما سبق وحدث؛إلا أن الحقيقة ليست كذلك.
يجب أن يعلم العالم بأجمعه أن الانسانية على امتداد الكرة الارضية وعلى امتداد العصور كان وما زال لها من الاديان ما قد لا نحصيه ولا نعده؛و يلزم الانسان أن يحترم كل هذه الاديان ويراعي شعور وشعائر معتنقيها في كل الظروف وفي جميع الحالات؛لأن محاربة الدين هي في الاساس تقديم خدمة كبرى للامبريالية على حد قول منظري الاشتراكية العلمية ومناصريها؛الحديث هنا لا يقتصر فقط على الديانات السماوية المعروفة والمنتشرة أكثر من غيرها( الاسلام واليهودية والمسيحية) بل يشمل كل الديانات التي يعتنقها الانسان وتصبح من مقدساته! كل الاديان وما يرتبط بها من شعائر يعتبر مقدسا بالنسبة لمعتنقيها؛ ويلزم احترامها من الجميع؛ وعدم المساس برموزها أو السخرية منهم.
ما فعله الرئيس الفرنسي الحالي تجاه الدين الاسلامي لم يفعله غيره سابقا؛فإذا كان يحاول جعلنا نعتقد بتصرفاته تلك أنه يدافع عن الدولة اللائيكية أو العلمانية؛فإنه واهم بقدر ما نعرف حقيقة ما يبنيه من أسس جديدة للكراهية وإقصاء الأخر؛ ليس هو فقط من يبني هذه الاسس؛ بل يساعده أيضا من اجانب أخر الرئيس الامريكي؛انهما معا ينتهجان نفس النهج؛ ويحرصان كل الحرص على أن يتم ما هما بصدد بناء في أسرع وقت؛ وكما يعلم الجميع فالكراهية اداة من ادوات الرأسمالية المتوحشة؛ لزج الانسان في أمور لا تخدمه في شيئ؛بقدر ما تخدم الرأسمالية في استغلال المستضعفين؛ وإلهائهم عن ما يخدم مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية؛ليظلوا مستعبدين ومستغَلين من لدن الرأسمالية والاوليغارشية؛ ويساعدهم في ذلك مجانا رواد مواقع التواصل الاجتماعي دون وعي منهم؛أو حتى الاحساس والشعور بما يفعلون؛ ولا ننسى أيضا هنا عمالقة الويب الذين يجنون ارباح خيالية متعددة من ذلك!
العدو الأساسي للانسان اليوم؛ هو الفقر والامراض والاوبئة؛وعلى الانسان في مختلف المعمور؛ بناء اقتصاده والدفاع عن خيرات وطنه وتحصينها من النهب والتدمير والاستغلال الفاحش؛وبناء الانسان الحديد القادر على حماية الوطن والدفاع عناقيد أن تمحيه الامبريالية من الوجود؛ولنا مثال في ذلك بدولة فلسطين التي تتكالب عليها الامبريالية لدكها واغتصاب أراضيها!
فرنسا دولة قوية باقتصادها وتشعب استثماراتها في العديد من الدول الفقيرة؛حيث تجني الارباح الضخمة عبر استغلال انخفاض تكلفة اليد العاملة لتلك البلدان؛ و كذا التخفيضات الضريبية والامتيازات التي تفرضها على تلك الدول لاستنبات استثماراتها بها، والمنتوجات الفرنسية لا تقتصر على المواد الغدائية؛بل تتعداها الى الادوية والصناعات الاخرى وهي منتشرة في كل بلدان العالم وليس فقط البلدان الاسلامية!
وإذا كان الرئيس الفرنسي ركب موجة الاساءة للدين الاسلامي؛ فهو من جهة أخرى يحارب كل الديانات الاخرى المتواجدة بفرنسا؛ ويسبح ضد التيار ظنا منه أن ذلك سيعيد له البريق الذي كان له إبان فوزه الاول.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *