من خبايا التقدم والاشتراكية بالشاوية عهد مجزرة الفروع المحلية للحزب

من خبايا التقدم والاشتراكية بالشاوية عهد مجزرة الفروع المحلية للحزب
فؤاد الجعيدي

هناك حكمة فرنسية تقول: أترك الوقت للزمن، لتتجلى الحقيقة وتنكشف أسرارها وخباياها.
صحيح يمكن ولاعتبارات وقتية عابرة، أن يصدق الناس الدجالين، الذين يقدموا أنفسهم، في ثوب الطهارة والنقاوة وعفة اليد، ويقولون ويكتبون على نظافة اليد ويشيدون ببعضهم البعض، إنهم سياسيون من طينية أخرى.
لكن الزمن وحده يتكفل بتعرية الأمور، ألم يقل عز جلاله:( أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس يمكث في الأرض.)
كنت شاهدا على جزء من تاريخ التقدم والاشتراكية بجهة الشاوية ورديغة، أناضل إلى جانب صفوة من الشباب اليافع، دفاعا عن قضايا اجتماعية وتدريب الناس على أن النضال الديمقراطي واليومي، يثمر في تأطير تطلعاتهم ويمكنهم من إسماع أصواتهم وانتزاع مطالبهم والاصرار على تواجدهم في المفاوضات التي تعنيهم.


لكن بوجه ماكر وخادع كان هناك، من يتحين الفرصة للتلاعب بهذا التراث واستخدامه مطية، للوصول إلى أهداف ضيقة كشف الزمن عن دناءتها.
لم أكن أفهم لماذا، يتم طرد الرفاق تباعا وبالعشرات؟ ولماذا تغلق المقرات، التي أتاها مناضلون ينحدرون من أصول اجتماعية من الطبقة العاملة؟
لم أكن أفهم هذه الروح الهدامة إلا حين ابتعدت عن الحزب، وزالت الغشاوة عن عيوني، وتيقنت بما لا يدع للشك فجوة، أن هناك نعرة لا ترى أكثر من أنفها، غدت تتحكم في مفاصل الحزب كي لا يكون قوة جماهيرية، تكافح ضمن قناعات تغيير معطيات الواقع بما يخدم أحلام وأماني التقدم كمشروع مجتمعي هو عين الصواب.
لم تكن القيادة الوطنية، تحسن الإصغاء للتحذيرات التي توصلت بها، واكتفت بالأذن الصماء واكتفت أكثر بمقولة كم من حاجة قضينا بتركها.


للتاريخ أعيد نشر رسالة تعود إلى 14 أبريل من سنة 2006، بليغة بمضامينها. لكن لفها الصمت في ذلك الوقت ولم يتبعها أي إجراء. رجل واحد انتفض لما اطلع على مضمونها واحتج هو المناضل الراحل الرفيق الغزوي.
إلى جانبها اضطلعت القيادة على إغلاق مقر الدروة الذي كان في أوج عطائه ويضم 107 من العمال والفلاحين والطلبة.
الهدم كان خيارا استراتيجيا لشخص تشبع حتى النخاع بالشعباوية، وتشبع أكثر بالعداء للطبقة العاملة ولم يتورع في بعض المرات إلى قيادتها رغم اعتراضاتي ساعتها، على خوض إضراب توج بطرد كل العاملين من الشركة.
كان يلهث فقط وراء مقعد بالمكتب السياسي، واستمر بمعاول الهدم كالطاحونة، قال لي فيه الرفيق الراحل عبد المجيد الذويب، إن له مهمة واحدة هي أن يدب على الأخضر واليابس ولا يتورع في نعث الرفاق بأشد الصفات قبحا ولؤما، ولا يرف له جفن في أن يوزع الشهادات الكاذبة حتى أمام القضاء ضدا في رفاق الدرب ونزولا عند نزوات الخصوم اليمينين.
لقد انتبه مبكرا المفكر والفيلسوف غرامشي لهذا الرهط من ( المناضلين ) المتياسرين، وخلص إلى تلاقيهم الحتمي مع الاتجاهات الأكثر يمينية. إنهم لا يخجلون، من صناعة أياديهم السوداء والملطخة بأقوى تجليات الخبث والتآمر السياسي. لكن اليوم حين نعود إلى صناعتهم وفتكهم، نترك لهم إرثهم غير الإنساني ليحملوه إدانة عليهم إلى يوم يبعثون.
لقد ظن الخائب أن وظيفته هي طرد المناضلين، ومعنى ذلك أنه لم يسبق له أن فهم معنى الانتماء السياسي، الذي هو حق من حقوق الإنسان والذي جند نفسه لمحاربته، كما فعل في سطات ولبروج وبرشيد والدروة والتاريخ اليوم خير شاهد، وحليمة ظلت بعادتها متشبثة لتنقل العدوى إلى فروع أخرى من المملكة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *