مصير الحكم الذاتي السيناريوهات المحتملة

مهدت مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب لحل النزاع في الصحراء دعمًا متزايدًا من عدد كبير من الدول عبر العالم، حيث اعتبرتها العديد من الحكومات حلاً جادًا وواقعيًا لإنهاء النزاع المفتعل.
وهذه
أبرز الدول التي دعمت مبادرة الحكم الذاتي المغربية:
1. الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن
• الولايات المتحدة الأمريكية: جددت دعمها للمقترح المغربي في أكتوبر 2024، معتبرةً إياه الأساس الأكثر مصداقية لتسوية النزاع.
• فرنسا: أكد الرئيس إيمانويل ماكرون في أكتوبر 2024 أن مستقبل الصحراء الغربية لا يمكن أن يكون إلا تحت السيادة المغربية وفي إطار مقترح الحكم الذاتي.
• المملكة المتحدة: في يونيو 2025، أعلنت رسميًا دعمها لمبادرة الحكم الذاتي، ووصفتها بأنها “الأكثر مصداقية وواقعية” لحل النزاع.
2 دول أوروبية أخرى
إسبانيا: جددت دعمها للمقترح المغربي في فبراير 2024.
ألمانيا: أعربت عن دعمها للمبادرة المغربية كحل جاد وموثوق.
هولندا، بلجيكا، الدنمارك، النمسا، فنلندا، سلوفينيا، هنغاريا، إستونيا: كلها عبرت عن دعمها لمخطط الحكم الذاتي المغربي كحل واقعي للنزاع.
3دول من أمريكا اللاتينية
البرازيل، الإكوادور، بنما، الشيلي، باراغواي: أعلنت هذه الدول دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، معتبرةً إياها أساسًا لحل عادل ودائم للنزاع.
4. دول إفريقية
سيراليون، تشاد، الغابون: أكدت دعمها الكامل للوحدة الترابية للمملكة المغربية، واعتبرت مبادرة الحكم الذاتي الحل الوحيد “ذي المصداقية والجاد والواقعي” للنزاع حول الصحراء.
5. دول عربية
قطر، السعودية، الإمارات، الأردن، مصر، الكويت، عمان: أعربت عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، واعتبرتها أساسًا لحل عادل ودائم للنزاع.
هذا الزخم الدبلوماسي يعكس الاعتراف المتزايد بمبادرة الحكم الذاتي المغربية كحل جاد وواقعي للنزاع حول الصحراء، ويعزز من مكانة المملكة كفاعل إقليمي ودولي موثوق به. لقداستطاع
المغرب أن ينتزع اعترافات ودعما صريحا من قوى كبرى مثل
الولايات المتحدة الأمريكية (اعتراف رسمي بسيادة المغرب على الصحراء منذ 2020، مجدد في 2024).
فرنسا، المملكة المتحدة، ألمانيا، إسبانيا، هولندا، بلجيكا… وكلها قوى أوروبية مركزية.
أكثر من 85 قنصلية في الأقاليم الجنوبية تعكس الاعتراف العملي بالسيادة المغربية.
لكن غياب اعتراف روسيا والصين له دلالات:
1. روسيالا تعترف بـ”الجمهورية الصحراوية”، وهي بذلك تتبنى موقفًا “رماديًا” يركز على احترام قرارات الأمم المتحدة.
• تعتبر الجزائر شريكًا استراتيجيًا، وتستخدم هذا الملف كورقة ضغط في شمال إفريقيا.
• تتفادى الاصطفاف في قضايا تعتبرها “محلية” رغم محاولات المغرب التقرب من موسكو.
2. الصين:
موقفها رسميًا “محايد” لكن مائل نحو المغرب بحذر فهي
تدعم الحل السياسي تحت رعاية الأمم المتحدة
• لها مصالح اقتصادية كبرى في المغرب، لكنها لا تعترف صراحة بمغربية الصحراء
لكن هل هذه الاعترافات كافية قانونيًا ودبلوماسيًا؟
من منظور الأمم المتحدة: لا، لأن الحل لا يزال يُعتبر قيد التفاوض تحت إشراف المبعوث الشخصي
لكن من منظور العلاقات الدولية الواقعية
المغرب حصل على الدعم الدولي
والمقترح المغربي هو الوحيد المتواجد عمليًا على الطاولة.
لا توجد دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن تعترف بجمهورية البوليساريو، وهذا مهم جدًا.
ان
غياب اعتراف روسيا والصين لا يلغي المكاسب، لكنه يمنع الحسم النهائي في الأمم المتحدة
ان المغرب يتبع دبلوماسية التراكم التدريجي: كل اعتراف جديد يعزل البوليساريو والجزائر أكثر.
1. هل يمكن لروسيا استخدام قضية الصحراء كورقة ضد الغرب؟
من الناحية النظرية ،هذا ممكن، للأسباب التالية:
روسيا تبحث عن مناطق نفوذ بديلة في إفريقيا لتقويض الحضور الغربي، خاصة الفرنسي والأمريكي
فالجزائر حليف استراتيجي لروسيا وتُعتبر من أكبر مستوردي السلاح الروسي، مما يجعل موسكو تميل تكتيكيًا لدعم “الحياد” الذي يخدم البوليساريو
في ظل العزلة الغربية بسبب الحرب الأوكرانية، تسعى روسيا لتعزيز تحالفاتها “جنوب-جنوب” ومنها محور الجزائر-جنوب إفريقيا-بعض دول الساحل.
.لكن هناك حدود:
روسيا لن تعترف أبدًا بالبوليساريو، ولا تعتبر الصحراء “أرضًا محتلة”.
فالرباط وموسكو وقعتا اتفاقيات اقتصادية مهمة في السنوات الأخيرة، وروسيا لا ترغب في خسارة المغرب تمامًا.
ان أي انحياز علني للبوليساريو قد يُفقد روسيا حيادها المفترض في الأمم المتحدة ويقلص تأثيرها في الملف.
لكن روسيا قد تُوظف الغموض الاستراتيجي بشأن الصحراء كورقة تفاوضية غير مباشرة للضغط على الغرب في أوكرانيا، لكنها لن تتبنى موقفًا تصعيديًا علنيًا ضد المغرب.
لكن ماذا عن الصين ؟
هل يمكن للصين استخدام النزاع في إطار الحرب الاقتصادية مع أمريكا؟
ان
الصين تتبع دبلوماسية الحذر والانضباط في النزاعات غير الواقعة ضمن محيطها الجغرافي (باستثناء تايوان/بحر الصين).
ان المغرب شريك اقتصادي مهم للصين، وبيئة استثمارية مستقرة في إفريقيا
فالصين تستفيد من الفراغ الغربي المتزايد في
إفريقيا، والمغرب يعد معبرا مهما للوصول للأسواق الأوروبية والإفريقية
لكن
أي دعم واضح للبوليساريو قد يُقوّض العلاقة مع المغرب، ويؤدي إلى خسارة استراتيجية في شمال إفريقيا
كما أن دعم الانفصال يتناقض مع الخطاب الصيني الرافض للانفصال الداخلي (في تايوان، هونغ كونغ، التيبت…).
ان
الصين تُفضل الحفاظ على التوازن، ولن تستخدم قضية الصحراء كورقة علنية ضد أمريكا، لكنها قد توظف الملف كعنصر مساومة في الصفقات الاقتصادية والدبلوماسية الكبرى
لكن ما أهمية الاعتراف الروسي-الصيني؟
إنه اعتراف أساسي وموقف مهم في موازين القوى داخل مجلس الأمن
سيُحدث اختلالًا كبيرًا في خطاب البوليساريو، ويفقده أي دعم معتبر.
وسيُعزز مشروعية المقترح المغربي ويجعل من الحكم الذاتي الإطار المرجعي الوحيد لحل النزاع
وسيُعزل الجزائر دبلوماسيًا ما لم تتحرك بمرونة.
والسؤال الواجب طرحه هو ماذا يمكن أن تكسب الجزائر من قبول حل الحكم الذاتي؟
1. الخروج من العزلة الإقليمية والدبلوماسية
فالجزائر تعاني من توتر مع جيرانها (المغرب، تونس، أحيانًا ليبيا)، وملف الصحراء يغذي هذه العزلة.
بقبولها للحل، يمكن أن تعيد تموقعها كـ”فاعل سلام إقليمي” بدلًا من فاعل نزاع
2. والاستفادة من مقاربة رابح/رابح مع المغرب
فتح الحدود، والتعاون المغاربي، وتفعيل اتحاد المغرب العربي (المجمد منذ 1994).
فرص تجارية واقتصادية كبرى مع المغرب (أكبر اقتصاد مغاربي من حيث تنوع القطاعات).
مكاسب في مجال الغاز والبنية التحتية العابرة للحدود، خاصة في ظل الطلب الأوروبي المتزايد بعد حرب أوكرانيا.
3. الحصول على ضمانات دولية (أمنية واقتصادية)
إمكانية إقناع الجزائر بقبول الحكم الذاتي مقابل:
دعم مالي دولي لإعادة هيكلة المناطق الحدودية الفقيرة.
دور رمزي للجزائر في “مرحلة تنفيذ الحل” داخل الأمم المتحدة.
إدماج بعض الصحراويين المحسوبين على البوليساريو في مجالس الحكم الذاتي كضمان توازن.
4. الاستثمار في مرحلة ما بعد النزاع
فالجزائر يمكنها أن تطلب، ضمن تسوية كبرى، أن يكون لها نصيب اقتصادي مباشر في مشاريع التنمية بالصحراء المغربية، خاصة في الطاقة، الموانئ، الطرق التجارية نحو إفريقيا..
ما الذي قد يدفع الجزائر لتغيير موقفها؟
1. ضغوط روسية/صينية صريحة، إذا تغيرت أولويات موسكو وبكين في شمال إفريقيا.
2. صفقة مغاربية كبرى: تشمل المصالحة الاقتصادية، دعم الانتقال الطاقي، وتقاسم النفوذ اللوجيستي في الساحل.
3. أزمة داخلية حادة تجعل النظام يبحث عن “نجاحات خارجية” لتجاوز الضغوط.
4. ضمانات بعدم المسّ بمكانة الجزائر إقليميًا ودورها في إفريقيا.
إذا اعترفت روسيا والصين بمقترح الحكم الذاتي كحل نهائي، فسيكون على الجزائر إما التكيف أو الخسارة الكاملة. ولكي تقبل، يجب أن تُمنح مقابلًا ملموسًا: اقتصاديًا، سياسيًا، رمزيا.