محمد السادس وقانون المالية 2026: إرادة ملك تصنع المستقبل

في زمن تتلاطم فيه أمواج الأزمات العالمية، وتضطرب فيه أسواق المال والطاقة والماء، يطلّ علينا صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، بخطاب عيد العرش لسنة 2025، لا ليصف الواقع فقط، بل ليقدّم خريطة طريق واضحة، جريئة، ومسؤولة، نحو مغرب قوي ومزدهر.
قانون المالية 2026 لم يأتِ من فراغ، ولم يكن وليد مكاتب مغلقة أو أوراق تقنية جافة، بل هو ترجمة عملية دقيقة للرؤية الملكية التي أعلنها جلالته أمام الأمة: اقتصاد صاعد، عدالة مجالية، دولة اجتماعية، وسيادة مالية.
من الكلمات إلى الأفعال
حين يقول جلالته في خطابه إن “المغرب لا ينتظر المستقبل، بل يصنعه”، فهذا ليس تعبيرًا مجازيًا، بل برنامج عمل وطني.
الأرقام الواردة في قانون المالية — من نسب النمو المستهدفة، إلى حجم الاستثمارات في النقل والطاقة والماء، إلى مشاريع تعميم الدعم والحماية الاجتماعية — كلها شواهد حيّة على أن القيادة الملكية هي المحرك الحقيقي للسياسات العمومية.
الملك: ضامن الأمن الاقتصادي والاجتماعي
من يقرأ توجهات قانون المالية 2026 يدرك أن جلالته ينظر إلى الاقتصاد كما ينظر القائد العسكري إلى خطوط الدفاع:
• الماء: مشاريع تحلية السواحل ونقل المياه بين الأحواض، لأن الأمن المائي هو الحياة.
• الطاقة: الاستثمار في الهيدروجين الأخضر والطاقات المتجددة، لأن الاستقلال الطاقي هو حرية القرار.
• النقل والبنية التحتية: القطارات فائقة السرعة، توسعة المطارات، وتعزيز الأسطول الجوي، لأن ربط المغرب بالعالم هو مفتاح قوته.
الجرأة في الإصلاح
ما يميز جلالة الملك هو الجمع بين الواقعية والجرأة: واقعية في مواجهة الحقائق الصعبة — من البطالة إلى التغير المناخي — وجرأة في اتخاذ قرارات استراتيجية لا تجرؤ عليها كثير من الدول.
ولهذا، فمشروع قانون المالية لسنة 2026 ليس ورقة للإنفاق فقط، بل هو وثيقة سيادة وطنية، تحدد أولويات المغرب كما يريدها قائده، لا كما تفرضها الظروف الخارجية.
في نهاية المطاف، يظلّ محمد السادس، نصره الله، صانع القرار الأول، والضامن لوحدة البلاد، والموجه لمسارها التنموي. وقانون المالية 2026 هو إحدى تجليات هذا الدور القيادي، حيث تتلاقى الرؤية السياسية، والحكمة الاستراتيجية، والجرأة في التنفيذ، لتجعل من المغرب دولة صاعدة بثقة وسط عالم مضطرب.
الدكتور المصطفى قاسمي
أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري
جامعة الحسن الاول
سطات.