لا خير فيمن يزايد على وطنه

خرج الحياحة من جديد من جحورهم، و كأنهم أهل الكهف، يرددون نفس الأسطوانة، بنفس الشعارات و نفس الرايات واللافتات التي أنهكتها أرضة فشل العرب و تقاعسهم و تخلفهم على جميع الأصعدة، فلم يتبق لديهم سوى شعارات و أحلام انقرضت أمام حقائق الواقع و المعطيات على الأرض. حياحة القومية العربية معروفون بتقاضيهم لأموال الخليج و استضافتهم هناك في أحسن الفنادق للإستراحة من التحياح، و تقاضي مقابل النضال و التجيييش و تسخان الطعارج. …. زعيمهم كان يبعث لصدام والقذافي وزعماء آخرين آمنوا بالشعوب و الممانعة و وحدة الصف العربي، يبعث بفواتير وهمية لأشخاص سقطوا مغمى عليهم أو تعرضوا لكسور أو أزمات قلبية أثناء مظاهرات دعم العراق أو فلسطين، و فواتير فنادق و سفر و تغذية. …
المغاربة كانوا يخرجون من تلقاء أنفسهم تضامنا مع قضايا شعوب الشرق الأوسط، و كانت حفنة من سماسرة القضايا هي من تأخذ الكلمة، للتحدث بإسم الملايين….. ثم تأخذ “الفلس” بالدولار. ….
تساءلت بصدق مع نفسي: لماذا نخرج دائما في مظاهرات لمساندة المشارقة في قضاياهم بالملايين، و لم أسمع و لو مرة أن شعبا عربيا خرج في مظاهرة لنصرة قضية وحدتنا الوطنية! ؟!؟؟ فهل قضيتنا هي فعلا قضية تصفية استعمار، !؟!؟ و عن أي استعمار يتحدثون؟ !؟! استعمار أراضي بينها و بين ملوك المغرب روابط بيعة أقدم من كل الدول التي تشكك في مغربية صحرائنا ! !!؟؟؟؟
هل يعقل أنه عندما اعترفت الإمبراطورية المغربية باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية، سنة 1977، و التي خاطب رئيسها جورج واشنطن ملك المغرب آنذاك بلقب “إمبراطور المغرب العظيم ” سنة 1778، هل يعقل أن الإمبراطور محمد الثالث الذي تحدى أعتى إمبراطورية عسكرية و جغرافية و اقتصادية؛ الإمبراطورية البريطانية، كان يحكم إمبراطورية من طنجة إلى كلميم أو الطنطان؟ !؟!؟!
في الواقع أن اعتراف الأمريكيين بمغربية الصحراء و بمغربية مناطق أخرى حصلت على استقلالها حديثا في الزمن التاريخي، كان منذ أول حكومة للولايات المتحدة الأمريكية، التي كان اعتراف المغرب بها آنذاك يشكل دفعة سياسية كبرى، في عالم كانت تحكمه إمبراطوريات محدودة العدد. ….
إنتهى زمن المقايضة بقضايا الشعوب، و على رأسها قضيتنا الوطنية. تجار الأزمات يعيشون حياة الترف و التبرجز في المغرب و مخيمات الذل و العار و فلسطين والعراق و سوريا و ليبيا. …. يتنقلون بين فنادق النجوم الكثيرة و في الدرجات السياحية، يراكمون الملايير من اختلاس مساعدات و مزايدة في مواقف، بينما الشعوب التي يدعون الدفاع عنها تئن من الحصار والحرب و الجوع و الفقر و البطالة. …. و لا تستغربوا أن يلتقي قياديوا الفريقين المختصمين إلى مجلس الأمن و المنتظم الدولي (خلسة)، في كازينوهات فخمة و فنادق و مطاعم مصنفة و منتجعات سياحية بعيدا عن أوطانهم. …..
ألم يقل هذا القذافي المغدور، الذي طالما راهن على الشعوب و الجماهير، فانتهى مهتوك العرض و النفس و الكبرياء على يد (الجماهير) و (الثوار )…. ألم يقل “لا تثقوا في المعارضين، و زعماء القضية الفلسطينية، فهم يسكرون و يقامرون و يتسامرون في جلسات حميمية مع الإسرائيليين! !!!!
و الفيديو موجود لمن أراد أن يتأكد. ….
ألم ينته صدام حسين، زعيم الملايين من العرب الممانعين و سيد القوميين، في حبل مشنقة نصبه له أبناء الدار، بعد أن مهدوا الطريق لقوات أجنبية لاحتلال العراق و إدخاله في دوامة عنف و تيه و حرب أهلية لا يعلم أحد متى تنتهي، خراب أنتجته “الفوضى الخلاقة” و أذكى ناره التطرف الديني الوهابي و الشيعي، و شوفينية البعثيين، و تآمر أصحاب الجنسيات الأجنبية و معارضين مرتزقة يخدمون أجندة “القنبلة الموقوتة” من الداخل؛ و أغلبهم من الحياحة أو من المتربصين……
هل يستوعب المغاربة أن الوحيدين الذين خرجوا للتظاهر من أجل قضية وحدة المغرب الترابية هم يهود العالم من أصل مغربي! ؟؟! و أن لا أحد من شعوب العرب خرج للتضامن معنا، بل بالعكس هناك منهم من يصطف علنا أو رمزيا إلى جانب أعداء وطننا و مصالح شعبنا…..
شعوب أنفق المغرب من أجلها ملايير الدولارات عبر عقود من الزمان، و أخرى بعث للذوذ عنها و للدفاع عن حدودها خيرة أبنائه من القوات المسلحة الملكية، ثم أوفد الأطباء و الأساتذة و المهندسين و الخبراء في مختلف المجالات، من أجل بناء اقتصادها و تحديث دولها و بنيانها……
لماذا تسترخصون قضيتكم و عزتكم و تتملككم عقدة الأجنبي يا حفدة يعقوب المنصور الموحدي و أحمد المنصور الذهبي و محمد الشيخ السعدي. …… اقرؤوا بعضا من تاريخكم المجيد و انظروا كيف وقف ملوك المغرب سدا منيعا أمام العثمانيين و الإمبراطورية البرتغالية و الإسبانية، و أحبطوا كل محاولات اختراق مغربيتنا و ضم حدودنا إلى إمبراطوريتهم والحصول على بيعة لسلطانهم أو تبعية لأباطرتهم، فلا تكونوا أقل شهامة من أجدادكم وتقبلوا بتقسيم وطنكم فتصبحوا أضحوكة بين الأمم.
إما أن تكونوا مغاربة أو لا تكونوا. …
تامغرابيت تقتضي التضحية من أجل الحدود و الثغور الوطنية، بدل الإستلاب الثقافي الذي يراد منه تحويلكم إلى مشارقة أو مستغربين، و ما أنتم بالمشارقة، و لا بالمستغربين……