قراءة في تداعيات توجيه ضربة لإيران و ما سيترتب عنها

قراءة في تداعيات توجيه ضربة لإيران و ما سيترتب عنها
نزار القريشي:

في خضم إعادة التموضع و الانتشار العسكري الأمريكي الذي جرى مؤخرا، بقاعدة “ديغو غارسيا” وسط المحيط الهندي، وهي قاعدة مشتركة بين المملكة المتحدة و الولايات المتحدة الأمريكية، و بعد ما تأكد إرسال سبع مقنبلات من طراز “بي2” إلى مطارها، تأكد حسب ما أفادت به تقاير عدة، عن قرب توجيه الجيش الأمريكي ضربة عسكرية لإيران، وهو ما ينذر بانهيار و سقوط جد محتمل للنظام الإيراني، إن وجهت ضربات مكثفة له، والتي من تداعياتها إحداث زلزال بالمنطقة، سيعمل على تدمير التوازنات الإقليمية، التي اعتمد عليها العرب، عبر مواجهة إيران لإسرائيل و تركيا. إذ ذاك ما سيترتب عليه تفعيلا لخرائط “برنار لويس”، التي تخدم قيام إسرائيل الكبرى وخريطتها
الجيوسياسية، وذلك إزاء عدم تراجع إيران عن برنامجها النووي، فالإدارة الأمريكية عبر قرار محتمل لرئيسها “دونالد ترامب” بشن ضربات ضد إيران، تريد التأكيد على ولاءها و خدمتها لمصالح إسرائيل الكبرى، وهو ما ترفضه “القاهرة” و معها دول عربية حسب ما أعلن و تسرب عن ذلك، فبعدما تأكد رفض العرب لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، و بعد رصد تحركات غير عادية لأسلحة الجيش المصري بسيناء، تسعى إسرائيل لتصفية حساباتها الإقليمية، بعد ما اتضحت لها نوايا بعض دول الإقليم غير المعلنة سابقا.إذ سيترتب عن سقوط النظام الإيراني ،و باحتمال كبير قيام دولة “كردستان” تضم أراضيها حدودا طويلة بين كل من سوريا وإيران والعراق تركيا، وهو ما سيتمخض عنه مساحة كبيرة من الفوضى، ستريح تل أبيب بعد خوضها حروبا على سبع جبهات، وهو أيضا ما يُتوقع أن يعمل على تقسيم إيران إلى عدة دويلات تتوزع على عرقياتها المتعددة و المختلفة؛ مما سيحدث فراغا سياسيا بالعراق و سوريا، في انتظار نتائج الانتخابات التركية لسنة 2028 ،وذلك لتمكين أنقرة، في حال حدوث تغيير سياسي بها، لاستلام مهمة ملئ الفراغ الذي سيحدثه سقوط النظام الإيراني، المتمرس أكثر من غيره في إدارة الإسلام السياسي، حيث سيتم التعويل على تركيا في إدارة هذا الإسلام السياسي، لزعزعة الاستقرار على حدود غرب الصين بتركستان الشرقية ، انطلاقا من آسيا الوسطى، باعتبار هذه المنطقة الناطق سكانها بالتركية مجال حيوي للنفوذ السياسي و العسكري التركي،وذلك امتداد لطاجاكستان و البلقان و القوقاز ؛ مما يؤكد أن هناك دورا مستقبليا ينتظر الإسلام السياسي و جماعاته، في استهداف الصين و روسيا، في انتظار تطور محتمل حول المحيط المتجمد الشمالي إن رفض “الكريملين”، اقتسام ثرواته ، مع الولايات المتحدة والمجموعة الغربية بشكل عام.
لذلك يتوقع العديد من المراقبين العسكريين ،أن يشن الجيش الأمريكي ضربة موجعة لإيران، بعد أنْ خلصت استخبارات البنتاغون”دي أي إي”،إلى أن ضرب إيران و إسقاط نظامها سيؤدي للإسراع بقيام إسرائيل الكبرى و بسلاسة، لأن الضرورة المتواخاة من البُعد جيو بولتيك المستقبلي للمنطقة، تقوم على ضرورة إسقاط النظام الإيراني، حسب الرؤية المشتركة التي خلصت إليها ” دي أي إي”و استخبارات ” أمان”.
من جهة أخرى،و على ضوء هذه التطورات المحتملة، أصدرت أوروبا منشور يتعلق باقتصاد الحرب، وزع على مواطني الاتحاد الأوروبي ،حسب البيان الذي صدر مؤخرا، وذلك وفق ما تسرب عن استخبارات “إم أي6″البريطانية، و التي كفشت في أحدث تقاريرها عن وجود شبكة من الانتحاريين تتواجد بأوروبا تابعة للحرس الثوري الإيراني،غير أن ذلك لن يمنع توجيه ضربات لإيران، لأن الرئيس الأمريكي، مصمم على تأكيد مساهمته في خدمة مشروع إسرائيل الكبرى، وهو يكاد يكون الشيء الوحيد الذي تتلاقى الرؤى بينه و بين الأوروبيين بشأن العمل عليه، حول توسع و توسيع خريطة إسرائيل في المنطقة من حجمها الحالي، نحو إسرائيل الكبرى.وهو في السياق ذاته، ما يخدم طريق التجارة الجديد من الإمارات العربية المتحدة و إسرائيل إلى الهند ثم أوروبا، ويضرب مسار طريق الحرير الجديد، ويُلغي أهمية قناة السويس، عبر تبادل الأدوار بين نيودلهي و تل أبيب، وهو ما سيعمل لاحقا على تخريب حلف” البريكس”من داخله؛ مما سيعطي دفعة قوية للاقتصاد الهندي ليتجاوز الاقتصاد الصيني، و يمنع “بكين” في الآن ذاته، من تجاوز زعامة الولايات المتحدة الأمريكية للعالم، باعتبارها الراعي الأول لنيوليبرالية و العولمة بمفهومها العام، وسط عالم يريد الانتقال لنظام عالمي جديد، لكن دون حفظ تغييرات شاملة عليه.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *