في المستشفى يرقد الأب.. وفي السجن يقبع الابن: كفى!

في هذه الأيام الحزينة، يرقد أحمد الزفزافي، والد ناصر، في المستشفى يصارع المرض، بينما يقبع ابنه في زنزانة باردة منذ ثماني سنوات، يصارع السنوات المحكوم بها . مشهد يوجع القلب ويطرح السؤال الذي نُصرّ على طرحه مهما طال الصمت: إلى متى كل هذا الجفاء؟ إلى متى هذا العناد الرسمي في وجه أبسط مطالب الكرامة؟
ناصر الزفزافي لم يسرق مال أحد. لم يخن الوطن. لم يعتدِ على أحد. كل ما فعله أنه قاد صوت الناس المقهورين في الحسيمة، ورفع شعارات تطالب بما نص عليه الدستور نفسه: العدالة الاجتماعية، الصحة، التعليم، الكرامة. لكن الدولة اختارت أن تسمع الصراخ على أنه تهديد، وأن ترى الاحتجاج جريمة، وأن ترد بالعقاب بدل الإصغاء.
اليوم، المرض ينهش جسد الأب المناضل أحمد الزفزافي، الذي لم يتوقف يومًا عن المطالبة بإطلاق سراح ابنه ورفاقه. والألم ينهش قلوب الريفيين وكل الأحرار الذين يرون هذه المأساة الإنسانية بلا نهاية.
ألا يليق بدولتنا الحبيبة أن تتحلى بالرحمة، ولو متأخرة؟ ألا يليق بالمؤسسات أن تدرك أن هذه الأحكام الثقيلة لم تزد الجراح إلا عمقًا؟ أين نحن من شعار المصالحة الوطنية الذي رفعناه يومًا بفخر؟
حين خرج ناصر الزفزافي إلى الشارع، لم يكن يبحث عن بطولة شخصية. كان يصرخ بلسان كل من طردهم الإقصاء من مدارسهم، ومن مستشفياتهم، ومن حقهم في العيش الكريم. كانت له زلات في الخطاب، ربما، لكنه لم يرتكب ما يستحق أن يُغيب إلى هذا الحد وراء القضبان.
في أي دولة تحترم نفسها، يُحتفى بمثل هؤلاء كمنبهين إلى الخلل، لا كأعداء للوطن. فالأوطان التي تعاقب من يحبونها، تتحول إلى سجون كبيرة.
فرصة للمصالحة ,مرض أحمد الزفزافي اليوم فرصة أخيرة للدولة لتقول: كفى. كفى ظلما لهذه العائلة. كفى تعنتا تجاه الريف. كفى تأجيجا للأحقاد.
الإفراج عن ناصر الزفزافي ورفاقه ليس هزيمة للدولة، بل انتصار للوطن. إنه رسالة بأننا قادرون على تجاوز الجراح، وعلى النظر إلى الأمام، وعلى إعادة الثقة بين المواطن والدولة.
بين المستشفى والسجن، تتقاطع دموع أب ووجع ابن. ونحن، كمغاربة، يجب أن نكون في صفّ من يطالب بالحرية والكرامة، لا في صفّ من يمعن في التنكيل.
أطلقوا سراح ناصر الزفزافي. أفرجوا عن الريف من ذاكرته الجريحة. الوطن ليس قويًا إلا بمصالحة أبنائه
نداء إلى جلالة الملك مولاي صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نناشدكم اليوم، بكل حب واحترام، أن تشملوا ناصر الزفزافي ورفاقه بعفوك المولوي السامي، رحمة بوالده المريض أحمد الزفزافي، وطيًّا لصفحة الألم في الريف، وفتحًا لباب المصالحة والطمأنينة بين الدولة وأبنائها.
عفوك يا مولاي ليس ضعفًا، بل قوة ورحمة كما عودتنا دائمًا.
حفظك الله وأبقاك ذخرًا لكل المغاربة.