سطات… مدينة أوقفها الإهمال عند حدود الزمن التنموي

سطات… مدينة أوقفها الإهمال عند حدود الزمن التنموي

بقلم : بوشعيب نجار 

تتعالى الأصوات في سطات، وتتشابه الأسئلة التي يطرحها السكان كل يوم: ما الذي أصاب عاصمة الشاوية؟ مدينة كانت ذات يوم قبلة للرياضة والثقافة والصناعة، أصبحت اليوم تنتظر قطار التنمية الذي لا يأتي، كأن الزمن اختار أن يمرّ من حولها دون أن يلمسها.

كرة القدم بسطات تحكي وحدها فصلا من فصول التراجع. فرق عريقة انزلقت إلى قسم الهواة، لا “نهضة” استطاعت أن تنهض من رمادها، ولا “أسود الشاوية” ظلت أسودا زائرة في الملاعب. بصيص الأمل الوحيد بقي مع فريق النسمة السطاتية، الذي يحاول الوقوف على قدميه في غياب الدعم ووسائل النقل، بينما جمهور المدينة اختفى من المشهد الرياضي بعدما فقد الأمل في رياضة لم تعد تشبه طموحاته.

أما الثقافة فحدّث ولا حرج. الفنانون التشكيليون تاهت أحلامهم في دهاليز الإهمال، والهواة في المسرح لم يبقَ لهم سوى ذكريات الماضي تُرسم في ذاكرة أصحابه. مسرح المدينة، الذي كان يفترض أن يكون فضاء للإبداع، تحول اليوم إلى مجرد ديكور فاقد للحياة.

نعرج نحو الحي الصناعي، ذلك الذي كان ينظر إليه باعتباره محرك التنمية بالمدينة. المحرك تعطل، والفرامل الهيدروليكية انكسرت، والقطار توقف في محطة الإهمال. لا عامل إقليم سطات تحرك، ولا المجالس المنتخبة بادرت إلى إعادة الاعتبار لهذا القلب الاقتصادي الذي أصبح في حكم “الميت سريريا”، دون أن يكلف أحد نفسه محاولة إنعاشه.

حديث البنية التحتية بالغ الطول. شوارع تآكلت حناجرها من التشققات، وإنارة عمومية تحولت إلى “شموع” تضيء نفسها دون أن تنير الطريق لأحد. طرق فقدت عرضها، وأزقة تنكرت لها مسؤوليات المنتخبين، فتجول في المدينة وكأنك تسير في فيلم قديم لم يصل إليه الترميم.

أما الصحة، فالحكاية الأكثر إيلاماً. سخط عارم ينتشر بين المواطنين بسبب وضع صحي مرتبك، نقص في الموارد، اكتظاظ، وغياب رؤية إصلاح واضحة. مستشفيات تُشبه أقسام الطوارئ الدائمة، تنتظر حلولا لا تأتي.

ما يحدث في سطات ليس مجرد تراجع ظرفي، بل مسلسل ممتد من الإهمال والتهميش. مدن أخرى تحركت وقفزت نحو المستقبل، بينما سطات ما زالت واقفة عند المحطة، تنتظر قطار التنمية الذي مرّ غير ما مرة دون أن يتوقف.

أكتب هذا لأنني أغار على مدينة أدير لها الظهر من كل الجهات، مدينة تستحق أكثر من صمت المسؤولين وأكثر من صبر ساكنتها. سطات اليوم تحتاج إرادة سياسية حقيقية، وجرأة في اتخاذ القرار، قبل أن تتحول نهائيا إلى صفحة من الماضي تُقرأ ولا تستعاد.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *