سطات… إن كان سحرٌ، فأبطله

بقلم : بوشعيب نجار
تبدو سطات اليوم وكأنها مدينة مُسحورة، لا تتحرك إلا ببطء، ولا تتغير إلا إلى الوراء، وكأن لعنة ما أصابت مشاريعها، وإدارتها، وحتّى أزقتها التي تنام على حفر وتستيقظ على غبار. من يتجوّل في شوارعها أو يتابع أخبارها قد يتساءل: هل هناك سحر خفي يمنع التنمية؟ أم أن الأمر مجرد تراكم للعبث واللامسؤولية؟
في سطات، مشاريع تُدشَّن وتُطوى قبل أن تُنجز، مرافق تبنى لتغلق، وأموال تُصرف دون أثر ملموس. شباب بلا فرص، مستشفيات تشكو الإهمال، وأسواق عشوائية تتكاثر كالفطريات، وسط صمت مريب من المسؤولين الإقليمين والمنتخبيين الذين يبدو أنهم اعتادوا هذا المشهد الغريب، وكأنهم تحت تأثير تعويذة “كلشي غادي مزيان”.
كلما جاء عامل جديد الى هذا الإقليم ، أو رئيس جماعة جديد علّق المواطنون آمالهم على “فك الطلسم”، لكن سرعان ما يتبيّن أن العصا السحرية مفقودة، أو أنها تُستخدم فقط لتلميع الصورة وتوزيع الوعود الموسمية وترويض القطيع .
من يُراقب الشأن المحلي بسطات قد يظن أنه أمام مسرحية تتكرر فصولها: اجتماعات، زيارات، خطابات، ثم… لا شيء يذكر . كأن المدينة محكومة بقانون “ماشي وقتو”، حتى صارت بعض الجماعات القروية التابعة لها أكثر حركية وجرأة.
وإن كان من سحر، فلا بد أن يبطله عقل جماعي واعٍ، وصوت إعلامي جريء، ومواطن لا يرضى بأن يُدار شأنه المحلي بخرافات “دبر راسك” و”صافي سكت”. أما إن لم يكن سحرًا… فربما نحن أمام واقع أشدّ خطورة، اسمه سوء التدبير وقلة المحاسبة.
ولأن السحر، إن وجد، لا يبطل إلا بصدق النية وقوة الإرادة، فإن سطات لن تستفيق من سباتها إلا إذا قرر أبناؤها أن يقولوا كفى. كفى من الصمت الذي يغذي العبث، وكفى من اللامبالاة التي تُطيل عمر الرداءة. آن الأوان أن يُسائل المواطن ممثليه، وأن يُطالب بحقوقه كاملة، لا بفتات الوعود.
الإعلام المحلي والمجتمع المدني والنخب السياسية، جميعهم أمام امتحان: إما أن يكونوا في صف الحقيقة والمحاسبة، أو أن يظلوا شهود زور في مدينة تبحث عن خلاص.
سطات لا تحتاج إلى راقي … تحتاج فقط إلى رجال ونساء يؤمنون بأن التنمية ليست طلسماً، بل عملٌ شريف وإدارة نزيهة وإرادة حقيقية للتغيير.
أتمنى ان أرى مدينتي الجريحة في حلة جديدة