زواج مغربيّين خارج الوطن… حين يتحوّل القفص الذهبي إلى فخ إداري!

في الوقت الذي يُفترض فيه أن يكون الزواج مناسبة فرح وارتباط إنساني، يصطدم بعض المغاربة المقيمين أو المتزوجين بالخارج بجدار بيروقراطي قاتل، يحوّل الحلم إلى كابوس مسطري معقّد.
هذا ما وقع لزوجين مغربيين اختارا أن يعقدا قرانهما في دولة شقيقة كـ”موريتانيا”، وفقًا للقوانين المحلية المعمول بها هناك، وباعتماد وثائق رسمية مغربية سليمة. لكن، وبعد العودة إلى الوطن، وجدا نفسيهما أمام سلسلة من العراقيل الإدارية والقانونية، تسائل مدى قدرة الدولة المغربية على حماية أوضاع مواطنيها المدنية حين يتم توثيق الزواج خارج ترابها.
مدونة الأسرة المغربية، وخاصة في الفصلين 14 و15، تنص صراحة على إمكانية إبرام عقد الزواج خارج المملكة، شرط احترام الإجراءات القانونية للبلد المضيف، والتصريح به لدى المصالح القنصلية المغربية أو أمام المحكمة المختصة داخل أجل محدد.
لكن، ورغم احترام الزوجين لهذه الشروط، وقيامهما بإجراءات التصريح، تم رفض الاعتراف بالعقد، أو تذييله بالصيغة التنفيذية، بحجج تتراوح بين “عدم الاختصاص” و”غياب شهادة السكنى” الخاصة بالمدعي، في حين أن المادة 128 من مدونة الأسرة تؤكد على قوة الحجية لعقود الزواج المبرمة بالخارج إذا تم تحريرها وفق الشكل القانوني المحلي، وتم التصريح بها حسب الأجل.
أما من الناحية الإجرائية، فالأحكام الواردة في المواد 430 و431 و432 من قانون المسطرة المدنية تنص على كيفية تذييل الأحكام والعقود الأجنبية بالصيغة التنفيذية، لكنها تصطدم في الواقع بممارسات متباينة بين محكمة وأخرى، خصوصاً حين يتعلق الأمر بدولة إفريقية أو عربية يُنظر إلى وثائقها أحياناً بكثير من الشكّ.
المفارقة الكبرى أن هذا النوع من الملفات يضع المواطن المغربي بين مطرقة قانون دولة أجنبية اعترف بعقد زواجه، وسندان إدارة مغربية ترفض الاعتراف به، وكأن الزواج خارج الحدود تهمة إدارية تتطلب التبرئة بدل أن يكون حقاً مضموناً.
فهل يُعقل أن يُطلب من المواطن أن يتزوّج مرتين؟ مرة باسم الحب، وأخرى باسم المسطرة؟ وهل ما زالت القنصليات تُوظف فقط للدبلوماسية، أم أن لها أيضاً دوراً في حماية الوضعية المدنية للمواطنين بالخارج؟
القضية تضعنا أمام تساؤل مشروع: إلى أي مدى تحترم مؤسسات الدولة حقوق المغاربة في الخارج؟ وهل فعلاً نؤمن بمواطنة كاملة، أم أن الحقوق تتوقف عند بوابة الحدود؟ المؤسف أن كثيراً من الإجراءات تتعامل مع عقود الزواج الأجنبية باعتبارها “حالات خاصة مشبوهة” تستوجب التحقيق بدل أن تكون موضع حماية وتسهيل.
ختاماً، فإن القفص الذهبي الذي يجب أن يكون مدخلاً إلى الاستقرار والحياة المشتركة، قد يتحوّل إلى فخ إداري معقد، يُعاقب فيه الحب لأنه جرى خارج خريطة الإدارة المغربية.