زمن بلا حكماء هل أصيب الفلاسفة بالزهايمر؟

زمن بلا حكماء هل أصيب الفلاسفة بالزهايمر؟
بقلم: دلوادي محمد

نعيش زمناً متصدعاً، تحولت فيه الجغرافيا إلى خرائط متغيرة، وتلاشت فيه المعاني الكبرى التي لطالما استندت إليها الحضارات. لم يعد للثورة مفهوم ثابت، ولا للديمقراطية مبدأ راسخ، ولا للمثقف صوت يسمع وسط ضجيج المال والنفوذ، وصراعات الهيمنة الجديدة.

العالم كما نعرفه في طور التحول – لا بفعل التقدم فقط، بل نتيجة ارتجال سياسيين، ممولين، وزعماء منظمات فقدوا البوصلة، وباتوا يجرّون البشرية نحو نماذج تنموية مشوهة تواكب فاشية عولمية لا تعترف بالجنوب ولا بشعوبه.

لقد خرج من رحم هذا النظام الجديد “إنسان معولم” لا يؤمن بالعقائد ولا بالسيادة ولا بالكرامة. حضارة صامتة بزغت دون ضجيج مدافع، تقودها رؤوس أموال تتلاعب بمصائر الشعوب، في غياب تام لأي حكمة أو بصيرة.

ورحمة الله على المهدي المنجرة، حين استشرف هذا الانحدار قائلاً: “الإمبريالية الشمولية تعيش مرحلة انتقالية حرجة… تسعى إلى فرض هيمنة جديدة عبر هندسة إنسان قابل للإخضاع.”

نعم، إنها مرحلة الهندسة الشاملة للوعي، مرحلة الأوبئة المصطنعة والعقول المبرمجة والخرائط المفككة. فكيف للمثقف أن يصمد أمام هذا الطوفان؟ وكيف للفلاسفة أن يظلوا حكماء في عالم يحتقر المعرفة ويحتفي بالتفاهة؟

المثقف اليوم مغترب داخل مجتمعه، مهدد بالتهميش إن فكر، وبالنبذ إن صدح بالحقيقة. منذ وباء كوفيد-19، لم تعد البشرية كما كانت: لم يعد هناك سر يُصان، ولا معرفة تُقدّر. عالم سريع، مفكك، بلا توازن، بلا طمأنينة ولا مستقبل واضح.

في هذا الزمن، باتت الحقيقة والزور وجهين لعملة واحدة والخطأ مبرراً والموت عادياً. وكأن البشرية كلها أصيبت بالزهايمر…
فهل أصاب الفلاسفة أولاً؟ أم أن هذا العصر ببساطة لفظ الحكماء خارج أسواره؟

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *