ايلا بغيتيني عارفة فين تلقايني !!

ايلا بغيتيني عارفة فين تلقايني !!
توفيق فريد

 

بعد قرابة سبعة أشهر من الجمود والتوتر، عادت العلاقات المغربية الألمانية إلى طبيعتها، إذ أعلنت وزارة الشؤون الخارجية المغربية في بلاغ لها عن استئناف عمل التمثليات الدبلوماسية بين البلدين.

وتعزى هاته الانفراجة وفق ذات البلاغ إلى التحول الجذري للمواقف الألمانية وكذا التعاطي الإيجابي مع القضايا الحساسة للمملكة، وأبرزها الإشادة مؤخرا بمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية ووصفها بالجدية و الواقعية.

إن الدول العظمى والقوى الكبرى، المؤمنة بالأهمية المحورية للمحددات المؤثرة في العلاقات الدولية، خصوصا العامل الجيوبوليتيكي، إذا اتخذت خطوات غير محسوبة فإنها تعمل بأقصى سرعة على تدارك الهفوات والانزلاقات التي من شأنها أن تجهز على المصالح الاستراتيجية. فكيف دولة عريقة كألمانيا أن تتمادى في معاداتها للمغرب؟ وهي تعلم أن البوابة إلى إفريقيا هي المملكة، و أن السبيل للمآرب الاقتصادية و السياسية والعسكرية لن يتم إلا عن طريق المغرب.

لقد أبان هذا التوتر مع ألمانيا وقبلها إسبانيا و فرنسا للعالم، عن الشخصية الكاريزماتية التي صارت تتمتع بها المملكة المغربية أمام المنتظم الدولي لا سيما إزاء الاستفزازات المتكررة لبعض الدول ذات الايديولوجيا الامبرالية، والتي تهدف إلى المس بقضاياها الجوهرية، مؤكدة بذلك التوجه العام للسياسة الخارجية المغربية والذي تم التأكيد على أن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس.

ففي الوقت الذي كانت تراهن فيه إسبانيا والجزائر على تشكيل حلف يضم ألمانيا أيضا يقضي بمحاصرة المغرب، بعد مرور الأخير إلى السرعة القصوى في التجسيد الفعلي لأوجه الشراكة والتعاون مع إسرائيل في مجالات عدة أهمها الأمني والاستخباراتي والعسكري؛ استطاع المغرب أن يختار الزمن الحاسم والمناسب للإعلان عن نسف هذا التحالف الهجين، وذلك عبر استمالة ألمانيا، واضعا بذلك إسبانيا في شبه عزلة إقليمية.

مهما تشنجت العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وألمانيا، ومهما تعطلت المصالح بينهما، إلا أنها لن تنقطع يوما بشكل فعلي أو نهائي، لأن النضج السياسي والدبلوماسي للبلدين يحتم عليهما مواصلة التعاون والتقارب، كما للعامل التاريخي دور أساسي في هذه العلاقات، إذ يعود تاريخها إلى
سنة 1506، حيث أنشئت فروع تجارية ألمانية في ميناء آسفي بالمغرب، بالإضافة إلى أن تعيين أول قنصل ألماني في المغرب، من قبل الامبراطور فريدريك الأكبر كان سنة 1784، إبان فترة حكم محمد الثالث.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *