النهاية التاريخية للهيمنة الغربية ما بين سنة 2025 و سنة 2029 م !

النهاية التاريخية للهيمنة الغربية ما بين سنة 2025 و سنة 2029 م !
بقلم : نزار القريشي

إنَّ بعثرت أوراق النظام الغربي، وعرقلة طموحاته الرامية لتمديد سيطرته على العالم، ونجاح هذه البعثرة، هو ما اتضحت بشأنه ملامح الخريطة الجيوسياسية الجديدة، بعد حرب أوكرانيا ونجاح روسيا في إلحاق الهزيمة ب ” الناتو”. والطرد الذي تم لفرنسا من أفريقيا، إذ تجلى ذلك و التغييرات السياسية والعسكرية التي حدثت بمنطقة الصحراء الكبرى والساحل، والعلاقات الإستراتيجية المتجذرة التي باتت تجمع ما بين دول الساحل و الصحراء الكبرى بروسيا الصين، وذلك في انتظار حركات تصحيحية أخرى متوقعة هذه السنة أو السنوات القادمة بالتشاد والسودان وليبيا، ومناطق أخرى بأفريقيا وأمريكا الجنوبية واللاتينية، و ذلك ضد الهيمنة الاستعمارية الغربية، و صد تأثيراتها . وهو ما نشهده حاليا بعد عودة القضية الفلسطينية لزخمها الدولي، والدعم المعنوي الذي تتلقاه من جميع شعوب قارات العالم، واضطرار العديد من دول أوروبا للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
إلى ذلك، وبعد الهزائم المتكررة لجيش التسحال بغزة، و التي سجلت يوميا في أعداد الجنود و المرتزقة و المعدات ، نتيجة رغبة نتنياهو في الاستمرار بالحكم ، قصد الهروب من المساءلة و المحاسبة الداخلية، بسبب ما تسببت به قراراته من خسائر معنوية و مادية للكيان الصهيوني. إذ هذا ما سيدفع بالحوثي لقطع أوصال إسرائيل الكبرى، بتهديده الجاد الذي سيطال باب المندب وخليج عدن في امتداد ذلك للقرن الأفريقي، انطلاقا من البحر الأحمر، الشيء الذي من شأنه أن يضع حدا لهيمنة الغرب على العالم بهذه المنطقة ونحو امتداداتها، نتيجة رفض عواصم عربية مهمة لمشروع إسرائيل الكبرى، الذي يقوم على اقتطاع أراض منها ، حسب ما تسرب عن خرائط برنار لويس، التي تم اعتماد ترسيخها من الإدارات الأمريكية السابقة للمنطقة العربية ، وفي سياق مجمل هذه التجليات و التراكمات المذكورة، فإن الغرب يقف أمام النهاية التاريخية والحتمية له ما بين سنة 2025 و 2029 م. إذ أن التمادي الإسرائيلي في قتل المدنيين الفلسطينيين الأبرياء وبشاعة جرائم هذا الاحتلال والموصوفة بجرائم ضد الإنسانية، من جانب الجمهور العالمي. هو ما دفع بالرئيس دونالد ترامب لإنهاء حرب غزة ، بعد التسريبات الأخيرة للخسائر التي طالت جيش الاحتلال لحد الآن ، والتي تقدر ب 18000 عسكريا ما بين قتيل و معاق جسديا أو عقليا، وهو ثمن و رقم باهض دفعه الكيان، و يبقى الرقم مرجح للزيادة في حال استمرار الحرب، إن تراجع نتنياهو عن اتفاق وقف إطلاق النار الذي قرره الرئيس دونالد ترامب.
من جانب آخر، و على صعيد الصراع الروسي –الأمريكي، تتوسع أنشطة الاستخبارات الروسية بتنسيق مع نظيرتها الصينية، في مواجهة التحدي الأمريكي لهما، و ذلك بساحات عدة ، إذ يتم بناء مركز تجسس روسي بشمال أفريقيا و ومنطقة الساحل و الصحراء الكبرى، و كوبا، يوازي أنشطة مركز “جي إس كيو” بجبل طارق للتصنت و الرصد و اعتراض الشفرات السرية، بعدما اتضح الإسناد الذي يقدمه مركز “جي إس كيو” ل قاعدة “أكوم” بإيطاليا و “أفريكوم” ب ألمانيا، حيث تقوم هذه القواعد بتحويل هذا النشاط الاستخباري ل” سنتكوم” بإسرائيل، عبر قاعدة ألكزندروبلس باليونان . وهو عمل عدائي يستهدف عرقلة أنشطة الجيش الروسي و التركي والمصري و الصيني و الإيراني و الباكستاني، عبر الممرات المائية و البحار. لذلك سنرى في المستقبل القريب إحجام الكثير من الدول ذات العلاقات التاريخية أو المتذبذبة مع واشنطن و باريس ولندن ، عن التماهي مع السياسات التي تنطلق من هذه العواصم الغربية ، مما ستتضح معه ملامح الصورة الجديدة، للخريطة الجيوسياسية التي تتشكل بالشرق الأوسط ، بعد تكليف استخبارات “إف إس بي” الروسية ل “محمد دحلان” برسم هذه الخريطة ضد مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي روجت له إدارة “جورج دبليو بوش”، و اكده “الربيع العبري” بعد تفعيل ” السي آي ايه ” لبرنامج الفوضى الخلاقة في الوطن العربي ، وهو ما لوحظ بدء إبان خفض أوبيك و أوبيك+ للإنتاج أثناء اشتداد الحرب على الساحة الأوكرانية ، وتجلى ذلك في التقارب الإماراتي – السعودي و الروسي-الصيني إذ هندس محمد دحلان ورسم خطوط المسافة مع روسيا و الصين، والتي تقرب قليلا الرياض و أبوظبي من بجين و موسكو، إلى غاية معرفة نتائج التطور في بحر الصين الجنوبي و تايوان ، وهو ما انعكس على القرار العربي المنطلق من المملكة السعودية و الامارات العربية المتحدة زائد جمهورية مصر العربية.
هذا، ويذكر أن محمد دحلان هو كبير مستشاري الإمارات العربية المتحدة و رئيسها محمد بن زايد.
إلى ذلك ، من المتوقع حسب متتبعين و خبراء للشأن الدولي. أن تعرف سنة 2025 إلى سنة 2029، بداية النهاية التاريخية والحضارية للهيمنة الغربية على العالم، والتي تنهي معها حكم الغرب للعالم الذي امتد ل500 سنة. إذ سيتضح ذلك، من خلال ما سيتخلل السنوات القادمة ،
من تطور لصراعات جديدة، من ابرزها الصراع المستقبلي بين الغرب و روسيا الاتحادية حول موارد المحيط المتجمد الشمالي، والصراع بين جمهورية الصين الشعبية و الغرب حول تايوان.
في هذا السياق، وعلى هامش هذه الصراعات الدولية الكبرى، ستندرج المواقف الجديدة، فتزداد الأخطار المحدقة بهذا الغرب، و التي تهدد عرش أمريكا نتيجة ظهور نتائج حرب أوكرانيا، بعد تثبيت الكرملين سيطرته على الشرق الأوكراني، وقضمه من الخريطة الأوكرانية، وانتشار الصور الإجرامية لجيش الاحتلال الإسرائيلي ، التي ترسخت في وعي الجمهور العالمي ، جراء الجرائم التي مورست ضد المدنيين الفلسطينيين، و بدعم وغطاء غربي. ويبقى الجديد الذي قد تأتي به قمة ما من قمم “بريكس+” بعد نشوب الاشتباك حول تايوان، في الأفق المنظور. من أهم ما ينتظره المراقب والمهتم بالسياسة الدولية. والتي من المحتمل أن ترفع من سقف التحدي، في ظل منع الغرب لروسيا و الصين من مواقع ريادية بالعالم، إذ يسعى الغرب لتحييد طموحات “بجين” و ” موسكو”، على صعيد الخريطة الجيوسياسية الجديدة، وهو ما ينم عن غطرسة صهيو-أمريكية، تحاول تمديد هيمنتها على العالم، والتي أصبحت في خبر كان، بعد التراجع الذي حدث للغرب، نتيجة تنامي الصعود العسكري والتقني و الاقتصادي الصيني، و هزيمة “الناتو” في مواجهته لروسيا بأوكرانية، وهو ما انعكس على الحرب بغزة، إذ أن الصور الإجرامية لجيش الاحتلال التي يتداولها الجمهور العالمي على شبكة المعلومات الدولية، والتي ترسخت في الوعي الجمعي العالمي، يؤكد معه استمرار صراع الشرق الأوسط اللامتناهي، واستمرار هذا الصراع عبر محاور جديدة وسرية، لأن الأمر تطور لمستوى وجود من عدمه، وهو تحدي يؤهل دولا للصمود في وجه الاحتلال الإسرائيلي لسنوات قادمة، إذ سيستمر الصراع إلى مالانهاية، وذلك إذا لم يتراجع الجيش الإسرائيلي لحدود ما قبل 1967 م، وفق المبادرة العربية للسلام، وإذا لم يعد ملتزما بقواعد الاشتباك السابقة.

صحافي مغربي
متخصص في شؤون الأمن والاستخبارات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *