النظام الجزائري يخلق أزمة لتصدير أزمته الداخلية

النظام الجزائري يخلق أزمة لتصدير أزمته الداخلية
محمد ياوحي

منذ اغتيال الشهيد محمد بوضياف، و إبعاد الشاذلي بنجديد بعد توقيعه لاتفاقية المغرب العربي، و عسكر الجزائر يستبدلون رؤساء الجمهورية التائهة، القاسم المشترك بينهم هو الولاء للمؤسسة العسكرية وورثة جيش التحرير الجزائري، الذي كانت المنطقة الشرقية بالمغرب هي قاعدته الخلفية، و بالضبط مدينتي وجدة و ازغنغان بالناظور.
من هناك مر كل قادة جيش التحرير، بل منهم من ترعرع و درس و عاش هناك حتى قبل التحاقه بالجزائر، و من هناك كان الزاد و العتاد و السلاح و الأموال و المجاهدون يتدفقون إلى جبال الأوراس الشامخة المناضلة ضد المستعمر، الذي صنع “الجزائر”، أو “فرنسا الثانية ” la deuxième française”
و ضم إليها صحراءنا الشرقية السليبة و أجزاء من شرق المغرب الشمالي.
بعد عقود من عائدات نفط و غاز طبيعي، لم يستطع النظام الجزائري التأسيس لاقتصاد متنوع و مندمج، خارج ريع المحروقات، و فشل في توفير الأمن الغذائي لشعبه و فرص الشغل لأبناء الشعب و شبابه، و الذين من كثرة وقوفهم على حائط الدرب كبطاليين، سموا بالحائطيين “les hytistes”…..
فشل النظام في إخماد النعرة القبلية لسكان القبايل الأمازيغ، رغم نقله الحرفي لتجربة المغاربة في الإعتراف بالأمازيغية كلغة رسمية و كمكون أساسي من الهوية الوطنية، فسكان “القبايل” فطنوا إلى أن العسكر لا يتبنون قضيتهم العادلة بالتزام و قناعة، بقدر ما هي محاولة لربح الوقت و تجنيب النظام العسكري الهش ثورة تقوض أركانه. …
و في زمن التحالفات و التكتلات و التحديات الكبرى، يأبى شيوخ النظام العسكري الجزائري إلا أن يعرقلوا بناء اتحاد مغرب كبير، يمكنه أن يشكل نواة صلبة لإدماج مصر و دول الساحل و غرب إفريقيا في تكتل اقتصادي و سياسي، يوفر سوقا مهمة و يمكن من قوة تفاوضية كبيرة مع التكتلات الدولية الإقتصادية، و هم بذلك يحرمون شعوب المنطقة من ملايير الدولارات من المداخيل و من نقاط مهمة على صعيد معدلات النمو و ملايين فرص شغل؛ سيخلقها هذا التكتل الإفريقي، في إطار التعاون و الشراكة جنوب-جنوب.
شيوخ الطغمة العسكرية لم يستطيعوا التحرر من عقدة هزائمهم العسكرية مع “المررروك”، علما أن الراحل الحسن الثاني هو من أعفاهم من إبادة على يد القوات المسلحة الملكية الباسلة، و فضل التراجع و التنازل عن جزء من صحراءنا الشرقية مقابل سلام شامل مع “الخاوة”. ……
النظام الجزائري يأكل أبناءه و رموزه أملا في إطالة أمد حياته، فهاهو شقيق الرئيس المعزول بوتفليقة وراء القضبان، هو و رموز العهد البوتفليقي، من وزراء و جنرالات و رجال أعمال و رؤساء قنوات تلفزيونية و إعلامية،…. محاكمات هنا و هناك، في محاولة للبحث عن بكارة سياسية جديدة للنظام المتهالك، أمام شعب جزائري لم يعد يثق بتمثيليات و خرجات ديناصورات الريع العسكرية، و لم تعد تهمه الشعارات الزائفة للإصطفاف مع الشعوب في قضاياها العادلة، و منها قضايا التحرر و تقرير المصير. …
فالشعب الجزائري يؤمن بقضية واحدة، هي حقه في تقرير مصيره و الإفلات من قبضة من سطى على ثورة الشعب الجزائري ضد المستعمر، منذ إنقلاب الهواري بومدين على جيش التحرير الجزائري. ….
شعار الجزائريين كما رأى العالم و قرأ و سمع إبان الحراك الجزائري كان و لا يزال “تتنحاوا كاملين “…. يعني : ” إرحلوا كلكم….!!!!! “.
الجزائريون فهموا لعبة الإنقلابيين على بنبلة و على الشاذلي و بوضياف، فهم يصنعون من المملكة فزاعة و عدوا وهميا لإلهاء شعب فطن بمحاولات التضليل اليائسة، أمام مشاكل كبرى حقيقية تدفع بالخاوة الجزائريين إلى الإحباط و التذمر.
إلى متى سيظل قدر الشعب الجزائري مرتبطا بجنيرالات و رؤساء (أحياء /أموات )؟ مرتبطا بقضية وهمية ليس للجزائريين فيها ناقة و لا بعير؟
إلى متى سيقف مماليك العسكر شوكة في حلق الأخوة و التعاون بين شعوب المنطقة؟

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *