الكل يتبرأ من أخنوش.. الأغلبية التي تفرّ من ظلها!

ما شاهدناه الليلة على شاشة القناة الثانية، في برنامج “نكونو واضحين”، لم يكن مجرد حلقة حوارية عادية، بل كان مشهداً سياسياً فاضحاً، كشف عن هشاشة “الأغلبية” التي تحكم اليوم المغرب، وعن حجم المسافة التي صارت تفصل بين مكوناتها، وكأنها لم تجتمع يوماً تحت سقف واحد.
نزار بركة، وزير التجهيز والماء، لم يتحدث كعضو في حكومة أخنوش، بل كأمين عام لحزب الاستقلال، وكأنه جاء إلى البرنامج لينفي انتماءه إلى الفريق الحكومي، وليغسل يديه من قراراته. أما نجوى كوكوس، القيادية في حزب الأصالة والمعاصرة، فقد ذهبت أبعد من ذلك حين دعت إلى التفريق بين الأغلبية الحكومية والأغلبية البرلمانية، في تبرير سياسي غريب يعكس حالة التململ داخل التحالف الثلاثي، ومحاولة كل طرف النجاة بنفسه من السفينة التي يبدو أنها بدأت تميل.
إنها لحظة سياسية فارقة، تُظهر أن حلفاء أخنوش باتوا يبحثون عن مخارج تحفظ ماء وجوههم، بعد أن أصبحت الحكومة في مواجهة غضب شعبي واسع، واحتجاجات شبابية غير مسبوقة، وملفات اجتماعية متراكمة أثقلت كاهل المواطن المغربي. فحين يخرج وزراء الأغلبية ليقولوا “جئنا كحزبيين لا كحكوميين”، فذلك يعني شيئاً واحداً: لا أحد يريد أن يُحسب على هذه الحكومة بعد اليوم.
الرسالة واضحة: الكل يبحث عن النجاة من مركب أخنوش، والكل يريد أن يُسجل مسافة أمان قبل أن تنفجر السفينة في وجه الجميع. الأغلبية اليوم ليست جسداً واحداً، بل جزر سياسية متباعدة، يحكمها منطق “كل واحد يْعوم فبحرو”، بينما المواطن يتفرج على مسرحية سياسية عنوانها العريض: “من سيقول أولاً: أنا بريء من هذه الحكومة؟”