الخلافة الاسلامية : الحقيقة والوهم

الخلافة الاسلامية : الحقيقة والوهم
السراج محمد الضو. كاتب و سينمائي.

لم يخلف محمد (ص) فبل وفاته نظاما قائما للحكم قابلا للاستمرار.. فقد كان بصفته الشخصية هو صاحب القرار الوحيد في إدارة الصراع مع قبيلة قريش وحلفاءها ، فبل ان ينتصر عليهم ويدخل مكة وإعلانه العفو على أعداءه السابقين، كما أعطى أمره بقتل اخرين كانوا أشد عداوة لدعوته .. القريشييون من دوي المصالح المعروفين بممارستهم للتجارة وريادتهم في هذا المجال حافظوا على مواقعهم ومصالحهم المالية في ظل الوضع الجديد ،لأنهم كانوا يمثلون الطبقة المهيمنة ماليا وبشريا قبل دخولهم الاسلام .. بعد وفاة الرسول وتوافق صحابته على مبايعة ابوبكر الصديق كخليفة للرسول ،استطاعت نخب الدين الجديد( الصحابة ) الخروج مؤقتا من مأزق من يكون الخليفة لكن مقتل عمر وعثمان وعلي فجر صراعا مرير على السلطة ،أسباب هذا الصراع الطارئ هي محاولة قريش الحفاظ على المصالح المكتسبة والنفوذ وسط القبائل العربية المتحالفة، في غياب أعراف واضحة تحدد من يتولى مهام الخليفة ،فالخلافة لم تستمر الوقت الكافي الذي يسمح لها بان تتطور على أسس سياسية واضحة ،وقد عجل الصراع بين الفرقاء على وضع حد نهائي لفكرة الخلافة ،وخصوصا بعد فوضي التحالفات بين اصحاب الرسول وصراع بعضهم ضد بعض ،ودخول عائشة الزوجة المفضلة عند النبي طرفا في الصراع الذي انتهى لصالح القوى القريشية المضادة بزعامة معاوية وتفاصيل هذه المرحلة بمعاركها وتحالفاتها معروفة بدون الحاجة الى تكرارها .. استولى التجارالقريشيون المدعومين بحلفائهم على السلطة وأسسوا الدولة الأموية ونصب معاوية وهو احد أعيان قريش وقادتها نفسه خليفة للمسلمين وأسس لدولة الخلافة او الملك التي توارثها من بعده ابناءه وأحفاده بالحديد والنار،،في تطور جديد في الساحة السياسية الاسلامية ، وبذلك حول معاوية اتجاه التطور السياسي من نظام مبني على اختيار الخليفة من طرف النخب ومبايعته من طرف المسلمين الى نظام عائلي وراثي هو اقرب للملك او الامبراطورية ، واستمر النظام كذلك بدون توقف عبر التاريخ الاسلامي مع عَائِلات تصارعت مع بعضها على السلطة في الشرق الأسلامي .. وتوالت على العروش سلالات من الملوك والسلاطين شهدت فترات حكم اغلبهم فظائع وجرائم في حق المتنورين من علماء الأمة وفلاسفتها وشعرائها وحتى في حق اعضاء الآسر الحاكمة نفسهاآلتي صفت المتنافسين على العروش من أمراءها .. شهدت هذه الفترات استثناء بعض الإشراقات الفكرية القليلة هنا وهناك.. الى ان وضع مصطفى اتاتورك في بداية عشرينيات القرن العشرين حدا لاستمرار خلافة ال عثمان وهي اخر سلالة في نظام ما سمي بالخلافة الاسلامية .. ومن هنا انطلقت مشاكل الاسلام السياسي في العصر الحديث لتستفحل بعد تأسيس جماعات إسلامية في نهاية عشرينيات القرن الماضي دعت في أدبياتها الى اعادة الخلافة الاسلامية من ابرزها جماعة الاخوان المسلمين في مصر والتنظيمات التي تفرعت عنها طيلة التسعين سنة الماضية ،منها المعتدلة والمتطرفة ،ومنهم الجماعات الإرهابية كالقاعدة وداعش وغيرها . ماميزهذه الجماعات كلها هو استغلالها المفرط للدين وتوظيف شيوخ الفقه الاسلامي في الصراع السياسي، الذي طبع هذه المرحلة ولايزال في اغلب الدول العربية والإسلامية …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *