اقليم سطات يختنق بين تهميش التنمية وتضخيم الإعلام… والعين على صناديق 2026

اقليم سطات يختنق بين تهميش التنمية وتضخيم الإعلام… والعين على صناديق 2026
بقلم: سعيد حفيظي

في قلب المغرب، حيث تتقاطع الجغرافيا مع الوعود المؤجلة، يرزح إقليم سطات تحت ثقل التهميش التنموي، واتساع رقعة البطالة، وتراجع الأمل لدى شبابه. إقليم غني بالثروات، فقير في السياسات. ينبض بالحيوية السكانية، لكنه يئن تحت وطأة الإهمال المؤسساتي. وبينما ينتظر الناس تغييرًا حقيقيًا، ينشغل الإعلام المحلي بالتطبيل، لا المساءلة.
تهميش وهيكلي وبطالة مستشرية لا يمكن فهم ما يجري في سطات دون التوقف عند الخلل الهيكلي في توزيع المشاريع والفرص. من جماعات قروية تعيش في عزلة، إلى مدينة عمالة تعاني من اختناق حضري مزمن، يتكرر السؤال: كيف لإقليم بهذا الموقع، وهذه القدرات، أن يتعثر بهذا الشكل المزمن؟ بطالة خريجين، عجز في التجهيزات، انكماش في الاستثمار، وشباب محبط يتقلب بين الهجرة أو الانزواء.
تطبيل إعلامي يُخفي الخراب في قلب هذه الصورة القاتمة، يبرز الإعلام المحلي كعنصر إلهاء بدل أن يكون أداة مساءلة. يُنقل نشاط العامل كما لو أنه فتح مبين، وتُصوَّر الاجتماعات كأنها قرارات مصيرية، ويُحتفى بأي حَجر أساس يوضع، بينما لا يسأل أحد: كم من المشاريع المتوقفة؟ كم من المستوصفات بدون أطباء؟ كم من شاب ينتظر وظيفة أو تكوينًا أو فقط استماعًا لمطالبه؟
لقد تحول جزء كبير من الإعلام المحلي إلى ملحق بلاغاتي للسلطة، يبيع الوهم للمواطنين، ويُسهم في تطبيع التردي، بدل كشفه
محمد حبوها: القادم من الصرامة إلى أرض الأعطاب
تعيين محمد حبوها عاملًا على الإقليم عام 2025 شكّل بصيص أمل لدى البعض، بالنظر إلى خلفيته المهنية المعروفة بالحزم والانضباط. لكن الرجل دخل إلى سطات في لحظة حساسة: وضع اجتماعي هش، سلطة محلية مرهقة، وإعلام يُطبل أكثر مما يُراقب.
التحدي أمامه لا يكمن فقط في تحريك عجلة الإدارة، بل في فرض منطق جديد: قطع مع لغة التسويق، وتفعيل المحاسبة، وبناء مشروع إنقاذ حقيقي، لا مجرد “عمليات تجميل” على مستوى الواجهة.

الانتخابات المقبلة: لحظة الحسم وسط هذا المشهد المتداخل، تلوح الانتخابات الجماعية والتشريعية المقبلة كفرصة حاسمة لمصير سطات. إنها ليست مجرد استحقاق عادي، بل لحظة تقرير مصير. هل سيواصل الإقليم الانحدار تحت سيطرة وجوه استهلكها الزمن؟ أم سيصحو الوعي الشعبي، ويُفرض تغيير جذري في البنية السياسية المحلية؟

المعركة المقبلة ليست فقط حول من يفوز، بل حول من يمثل فعليًا صوت المواطنين، من يملك مشروعًا تنمويًا لا مجرد لافتة انتخابية، من يملك الشجاعة لمصارحة الناس بالحقيقة والعمل على إصلاحها، لا دفنها تحت أرشيف الصور والمهرجانات.
سطات اليوم على مفترق طرق. العامل الجديد يمكن أن يكون انطلاقة، والإعلام يمكن أن يكون مرآة صادقة، والانتخابات يمكن أن تكون بداية جديدة… فقط إذا أراد الناس. أما إذا استمر التهميش، واشتدت البطالة، وغرق الإعلام في “تطبيله”، فستُدفن فرص الإقليم مرة أخرى، ويُترك شبابه يواجه المستقبل خالي الوفاض.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *