افتتاحية مجلة 24: الحكومة والطبقة العاملة المغربية

افتتاحية مجلة 24: الحكومة والطبقة العاملة المغربية
بقلم فؤاد الجعيدي

هل رئيس الحكومة السيد العثماني رجل التوافقات الكبرى؟ هكذا يفترض في رجال السياسة، حين تكون لهم مسؤوليات إدارة فريق حكومي من حساسيات سياسية مختلفة ومتعارضة لحد التنافر.
العثماني لم يعط أي إشارات، على أنه قادر على القيادة، وهكذا كان سلفه السيد بن كيران، الذي خلف لنا قاموسا سياسيا في بعض الأحيان كان مقيتا بإشاراته وإيحاءاته التي بنيت من دعائم الشعبوية.
وفي المقابل، تعطلت كل التطلعات الاجتماعية، في مواجهة الهشاشة والمحافظة على فرص الشغل، وانتزاع فتيل التوترات وبالأخص في صفوف الطبقة العاملة.
اليوم، التشنجات الاجتماعية تصل مداها، وقد نبه عاهل البلاد منذ شهور خلت على ضرورة الجلوس لمائدة التفاوض مع الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين، لمعالجة الاشكاليات وفق التصور الملكي الذي وضع الخطوط العريضة، لبرنامج ثوري يخص الحماية الاجتماعية لفئات واسعة، والتي بينت الأزمة الناتجة عن الوباء، مدى ضعف الإجراءات الحكومة في مواجهتها، بل ظلت هذه الحكومة الموقرة تستكين لوقارها، ولم تخرج من جبة الانتظار.
على أكثر من جبهة، تلتجئ الطبقة العاملة للاحتجاجات الواسعة، علها توقظ الآذان الصماء، والعيون العمياء، التي لا تبصر ما يعتمل في حياة الناس من مآسي يومية.. ولم يفتح حولها أي حوار اجتماعي لوقف هذا النزيف.
وأن يقرر الفريق النيابي العمالي، للاتحاد المغربي للشغل، بالغرفة الثانية مقاطعة الجلسة الشهرية، لمساءلة رئيس الحكومة عن سياساته العمومية، يؤكد لنا، استفحال أزمة الطبقة العاملة في علاقاتها بحكومة باتت قدرا مكلفا على البلاد والعباد، وأن وجودها اليوم عالة وعلة ليس إلا.
بالعودة إلى حكومة التناوب التوافقي، التي ترأسها الراحل عبد الرحمان اليوسفي، يبدو أنها كانت حكومة أدارها الراحل بحكمة وحنكة رجالات الدولة، ومكن الأجراء في فترة تدبيره، من ترقيات استثنائية، وأعاد للمناخ الاجتماعي الثقة المطلوبة في علاقة الحكومة بالفرقاء الاجتماعيين.
لكن اليوم أتى على العمال زمن، دبت فيه الحكومة على الأخضر واليابس، وأسست لمزيد من الهشاشة وعادات بالعلاقات المهنية، إلى زمن الحماية، حيث ساد نظام السخرة، عادت بهذا الشكل من التنظيم لعلاقات الشغل، حين قررت ترسيم العمل بالعقدة في وسط قطاع التعليم وهو القطاع الذي يرهن تطلعات الأسرة في غد أفضل لأبنائهم وبناتهم.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *