افتتاحيةمجلة 24: الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل يعبر عن ضمير ووجدان الطبقة العاملة المغربية

لا بد من الجرأة، والشجاعة والأخلاق الإنسانية الرفيعة، لقول الحقيقة، جهرا بلا مساحيق ولا ديماغوجيات، لا بد من الإيمان العميق والصادق بجدوى النضال الاجتماعي الحقيقي، والقناعات المكتسبة والراسخة، دون انتظار، لا جزاء ولا شكورا ومن أي جهة كانت.
من أجل خدمة وطن، شبعنا حتى النخاع، من مائه وهوائه وترابه. وله الفضل علينا، في أن نقول الحقائق عنه دون رياء ودون طمع في عطايا تذل الكرامة الإنسانية.
الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، ظل ومنذ سنوات، يعبر عن ضمير الطبقة العاملة المغربية وهمومها وقضاياها ومآسيها وجهرا في اللقاءات الحكومية والتصريحات الإعلامية والمؤتمرات الجهوية والوطنية للاتحاد..
أولا: في حقها في ممارسة العمل النقابي دون تضيق على حريات العمال، وحقهم في التنظيم، والدفاع المشروع عن مصالحهم الحيوية.
ثانيا : ظل يستنكر ويندد بتسريحات العمال وبالأخص في زمن الجائحة.
ثالثا: اختارت الحكومة وبكل أطيافها، إقرار الاعتداء على مدخرات العمال في التقاعد، وحملتهم دون غيرهم من المحظوظين، تبعات الأزمة التي أنتجتها باختياراتها الموغلة في الاصطفاف، إلى ضفة الرأس مال والرأسماليين، وبحس يتنكر ويفتقد للروح الاجتماعية والتضامن.
وأن زعيمها الأول عبر وبشكل واضح على العداء للطبقة العاملة، واجتهد في تأويل النص الإلهي، للاقتطاع من أجور الكادحين بعرق الجبين، واستثنى الضالعين في التهرب من الضرائب بمقولة ( عفى الله عما سلف)
رابعا: تم التخلي عن لجنة الحوار الاجتماعي وباتت الحوارات الحكومية مع النقابات، تستهدف التسويف والتماطل، وتتلكأ في الامتناع عن الزيادة في الأجور، بدعوى الظرفية الاقتصادية وشحة السيولة المالية، لكنها لم تتورع في اقتناء السيارات الفاخرة لأعضائها الكسالى وإغداق الامتيازات عليهم مع أنهم، يفتقدون لكل نجاعة أداء ومردودية، بل بعضهم لا يؤدي المستحقات للضمان الاجتماعي على من يستنزف عرقهم داخل أعمالهم الحرة.
خامسا: أقدمت الحكومة، على رفع الحماية على الضعفاء، بإعدام صندوق المقاصة وتحرير الأسعار، وتجميد الأجور في تواطؤ سياسي مع قوى التحالف الحكومي.
سادسا: في سياقات هذا القلق الاجتماعي العام، لم تترد الحكومة وبإرادة قوية، في محاولات متكررة على الالتفاف على قانون الاضراب، من أجل تكبيله وإفراغه من كل أسس ضغط العمال لانتزاع مطالبهم أو حماية مكاسبهم.
في ظل هذه الأوضاع، التي لم تتوقف تداعياتها على القوت اليومي للمواطنين، علما بتردي أوضاعهم المعيشية، لكن الاتحاد المغربي للشغل، استمر في واجهة النضال الاجتماعي، ولم يتردد في أي محطة من استنكار السياسات العمومية، باختياراتها القاسية، والتنديد بالقرارات المنحازة للرأسمال، ويخوض الاضرابات في كل القطاعات الانتاجية، والاحتجاجات اليومية واعتقال مناضلين نقابين في أحيان أخرى..
وهو الخيار، الذي بوأ الاتحاد المدافع الأمين على هموم وتطلعات القوى المنتجة، وكلما دعت الظروف الوطنية لاستنهاض الهمم، دفاعا عن الوحدة الترابية، وجد الاتحاد في الطليعة وفي خيارات التضحية بالغالي والنفيس كما ساهم في معركة التحرير الوطني.
لكل هذه الاعتبارات، كل من يبرز اليوم للحديث، باسم الجماهير الشعبية، ويسقط عليها مواقف هي بريئة منها، براءة الدم من قميص يوسف، عليه الشعور بالخجل. أين كان هؤلاء لما كانت القرارات تطبخ في اللقاءات والاجتماعات لتحميل الكادحين نتائج الأزمات الناتجة عن سوء الاختيارات وسوء التدبير العمومي؟
أين كانت هذه الطوائف التي توقع اليوم بلاغات التخوين، باسم مواطنين، يصارعون من أجل لقمة عنيدة، ودواء مؤجل للتشافي والتعافي من لعنة الوباء؟
أين كانت هذه الطوائف من أصحاب ربطة العنق، والذين لا يعرفون البذل الزرقاء، لكنهم يتبجحون بالوصاية الموهومة عن العمال والفلاحين الفقراء والعاطلين عن العمل والمطرودين عن العمل؟
كفى من الاستخدام السيء، لقضايا لا تقبل المزايدات الرخيصة.
كفى من مناورات رديئة، واعتبار الناس قطيعا قابلا للجر إلى تظاهرات، للمساومة بها على مصالح سياسية غير نبيلة، كما يفعل بهم في الاستحقاقات الانتخابية وبعدها يتم التنكر لهم ولمطالبهم.
سبعون سنة والاتحاد المغربي للشغل يقاوم ويناضل، من أجل ضمانات متمنعة، في تمتيع العمال بالحرية، فقط الحرية النقابية والحق في المشاركة في لجن المقاولة، والحق في حد أدنى محترم للأجر، وضمان اجتماعي كفيل بالحماية الاجتماعية ضد العوز وضد المرض وعموما الحق في عيش كريم وبكرامة.
كونوا اجتماعيين، قبل تخوين الأخرين في قضية وطنية، لما بات حسمها تلوح بشائره في الأفق، استيقظ محترفو البلاغات، كالأطرش في الزفة، على أنشودة الزمن القديم، يحنون إلى الشرق ويسيئون العبور إليه في هذه الظروف بالذات.
هذا الشرق الذي قال في الراحل خليل حاوي رائعته بعنوان الجسر:
يَعْبرون الجسرَ في الصبحِ خِفافًا
أضلعي امتدّتْ لهم جسرًا وطيدْ
من كهوفِ الشرقِ
من مستنقعِ الشرق
إلى الشرقِ الجديدْ
أضلعي امتدّت لهم جسرًا وطيدْ.