أزلو محمد يكتب: مراجعة معايير الدعم الاجتماعي”خطوة نحو عدالة اجتماعية شاملة”

في خضم السعي الحثيث نحو تحقيق عدالة اجتماعية تضمن الكرامة والإنصاف لكل فئات المجتمع، أعلن فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، أن الحكومة تسير بخطى ثابتة نحو مراجعة شاملة للنظام المعتمد في تحديد الأهلية للاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر. تأتي هذه الخطوة في إطار رؤية شمولية تهدف إلى تطوير معايير أكثر دقة وواقعية، تعكس بصورة موضوعية الوضعيات الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين على اختلاف شرائحهم، وتؤسس لنظام دعم اجتماعي أكثر عدالة وشفافية.
في حديثه، أشار فوزي لقجع إلى أن الحكومة تعكف على دراسة كيفية اعتماد “العتبة” التي تُحدد الأهلية للاستفادة من الدعم. هذه المراجعة ليست مجرد تعديل تقني أو إجراء إداري، بل هي خطوة حاسمة نحو بناء منظومة اجتماعية تعكس القيم الإنسانية الجوهرية التي تنشدها الدولة. فالتحديات التي تواجه المجتمع اليوم، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية، تتطلب رؤية جديدة تأخذ بعين الاعتبار التغيرات العميقة التي طرأت على واقع المواطنين، وتضع نصب أعينها تحقيق الإنصاف الكامل والمطلق.
إن الحديث عن العدالة الاجتماعية ليس مجرد شعار يُرفع في خضم الأزمات، بل هو التزام جوهري يقتضي مواجهة الاختلالات القائمة وإصلاحها. فالعتبة التي يتم على أساسها تحديد المستحقين للدعم يجب أن تكون أكثر من مجرد أرقام جامدة؛ ينبغي أن تكون مرآة حقيقية تعكس نبض المجتمع وتستجيب لاحتياجاته الملحة.
وفي سياق متصل، كشف الوزير عن أرقام تُظهر نجاحاً ملموساً في مشروع الدعم الاجتماعي المباشر، حيث بلغت نسبة قبول طلبات الاستفادة 98.4 في المائة عند نهاية يونيو 2025. هذه النسبة العالية تعكس الجهود المبذولة لضمان استفادة مستحقي الدعم وفق معايير دقيقة وشفافة. ومع ذلك، فإن نسبة الرفض التي بلغت 1.6 في المائة تُبرز الحاجة إلى مراجعة أكثر دقة وشمولية للمعايير المعتمدة، بما يضمن عدم إقصاء أي شخص قد يكون مستحقاً للدعم.
إن مسألة الدعم الاجتماعي ليست مجرد إجراء حكومي عابر، بل هي ركيزة أساسية لتحقيق الكرامة الإنسانية. فالإصلاحات المرتقبة في هذا المجال تهدف إلى بناء منظومة تقوم على التمكين بدلاً من التبعية، وعلى الإنصاف بدلاً من التمييز. ومع اعتماد معايير أكثر واقعية، ستصبح هذه المنظومة قادرة على استيعاب التحديات التي يفرضها الواقع المتغير، وستساهم في تقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية التي تثقل كاهل المجتمع.
لا شك أن مراجعة نظام الدعم الاجتماعي يشكل خطوة جريئة تتطلب شجاعة سياسية وإرادة قوية. فالمجتمع اليوم يتطلع إلى نظام أكثر إنصافاً وشفافية، نظام يُعلي من قيمة الإنسان ويضع احتياجاته في صلب السياسات العمومية. هذه المراجعة ليست مجرد تعديل في الإجراءات، بل هي إعادة تعريف للعلاقة بين الدولة والمواطن، علاقة تقوم على الثقة المتبادلة والاحترام المتبادل.
في نهاية المطاف، يظل تحقيق العدالة الاجتماعية هدفاً سامياً يتطلب جهوداً مستمرة وإصلاحات جذرية. مراجعة معايير الدعم الاجتماعي ليست سوى خطوة أولى على طريق طويل، لكنها خطوة تحمل في طياتها الأمل في بناء مجتمع أكثر تماسكاً وإنصافاً. إنها دعوة إلى التفكير العميق والعمل الدؤوب من أجل مستقبل يليق بكل مواطن، حيث تصبح الكرامة الإنسانية حجر الزاوية في كل سياسة تُعتمد، وحيث يُصبح الإنصاف معياراً يُقاس به نجاح كل عمل.