أزلو محمد يكتب: لا للتنخيل.. نعم للتشجير

تُعد الشوارع العامة والمناطق الحضرية جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، حيث نقضي فيها جزءًا كبيرًا من أوقاتنا، سواء خلال التنقل أو ممارسة الأنشطة المختلفة. ولأن البيئة الحضرية تلعب دورًا كبيرًا في تحسين جودة الحياة، فإن اختيار النباتات التي تزين شوارعنا ليس مجرد قرار جمالي، بل هو قرار بيئي وصحي يؤثر على حياتنا جميعًا. في هذا السياق، تبرز قضية زراعة النخيل في الشوارع كخيار مفضل لدى الكثير من المجالس المحلية، لكن هل هو الخيار الأفضل؟ ولماذا يُعد التشجير بأنواع أخرى من الأشجار أكثر فائدة وجدوى؟
على الرغم من أن النخيل يُعتبر رمزًا ثقافيًا يعكس التراث العربي، إلا أنه لا يلبي الاحتياجات البيئية والوظيفية المطلوبة في الشوارع العامة. فيما يلي بعض الأسباب التي تجعل النخيل خيارًا غير مثالي:
1. عدم توفير الظل الكافي :
النخيل، بسبب شكله العمودي وأوراقه الصغيرة، لا يوفر الظل الكافي للمارة والسيارات. وهذا يترك الشوارع مكشوفة لحرارة الشمس، خصوصًا في المناطق التي تعاني من ارتفاع درجات الحرارة.
2. محدودية الفوائد البيئية:
على عكس الأشجار الكثيفة، فإن النخيل لا يساهم بشكل كبير في تنقية الهواء أو امتصاص ثاني أكسيد الكربون. كما أنه لا يساعد بشكل فعّال في خفض درجات الحرارة في المناطق الحضرية.
3. التكلفة العالية والصيانة المحدودة:
زراعة النخيل ونقله وتركيبه يتطلب تكاليف مرتفعة مقارنة بزراعة الأشجار الأخرى. ورغم أن صيانته قد تكون أقل، إلا أن الفوائد التي يقدمها لا تبرر هذه التكاليف العالية.
4. غياب التنوع البيئي:
النخيل لا يدعم التنوع البيئي بشكل كبير، فهو لا يُعتبر موطنًا طبيعيًا للطيور أو الحشرات، على عكس الأشجار الكثيفة التي توفر بيئة غنية ومأوى للعديد من الكائنات الحية.
التشجير باستخدام أنواع مختلفة من الأشجار ذات الظلال الكثيفة والفوائد البيئية المتعددة هو الخيار الذي يجب أن تسعى إليه المجالس المحلية لتحسين بيئتنا الحضرية. ومن أهم فوائد التشجير:
1. توفير الظل وتقليل الحرارة:
الأشجار ذات الأوراق الكثيرة والكثيفة توفر ظلاً واسعًا يقلل من حرارة الشوارع، مما يجعلها أكثر راحة للمارة والسيارات، ويساهم في تحسين جودة الحياة في المدن.
2. تحسين جودة الهواء:
الأشجار تعمل كمرشحات طبيعية، حيث تنقي الهواء من الغبار والملوثات وتمتص ثاني أكسيد الكربون، مما يجعل البيئة أكثر صحة ونقاء.
3. التنوع البيئي:
التشجير يخلق بيئة غنية تدعم التنوع البيئي، حيث توفر الأشجار مأوى للطيور والحشرات، مما يعزز الاستدامة البيئية.
4. جمالية المنظر الطبيعي:
الأشجار تعطي مظهرًا طبيعيًا وجميلًا للشوارع، مما يجعل المدن أكثر جاذبية وراحة للسكان والزوار.
5. تقليل الضوضاء:
تعمل الأشجار كحاجز طبيعي يمتص الأصوات المرتفعة ويقلل من الضوضاء، مما يجعل الشوارع أكثر هدوءًا وراحة.
بينما يُعتبر النخيل جزءًا من التراث والثقافة العربية، إلا أن الجمال وحده لا يكفي. يجب أن تكون أولويتنا هي تحسين جودة الحياة للسكان من خلال زراعة الأشجار التي تقدم فوائد عملية وبيئية وصحية حقيقية. يمكن الاحتفاظ بالنخيل في أماكن محددة، مثل الساحات العامة أو المواقع التراثية، لكن التشجير يجب أن يكون هو الأساس في تخطيط شوارعنا.
إن شوارعنا ليست مجرد طرق للعبور، بل هي شرايين الحياة في المدن، ويجب أن نحرص على جعلها أماكن مريحة ومستدامة. لذلك، يجب أن نقول “لا للتنخيل” إذا كان على حساب الراحة والفوائد البيئية، وأن نقول “نعم للتشجير” لأن الأشجار لا تمنحنا فقط جمالًا، بل تقدم لنا حياة أفضل وهواء أنقى وظلاً أوسع. القرار في أيدينا، فلنختار ما يخدمنا ويخدم أجيالنا القادمة.