أحلى ختام سنة ميلادي

أحلى ختام سنة ميلادي
مجلة 24 - إلياس الحرفوي

في يوم عيد ميلادي، لم أحتفل فقط بمرور عام إضافي في حياتي، بل بختام سنة كانت من أجمل سنوات مسيرتي الإعلامية على الإطلاق. سنة لا تشبه سابقاتها، امتلأت بالتحولات، والتجارب، واللحظات التي يصعب اختصارها أو تكرارها.

كانت البداية مع تغطيات رياضية كتبت فيها عن كرة القدم المغربية، بلغة الرأي والتحليل، وليس فقط بنقل الخبر. عشت تفاصيل الملاعب والفرق، والقرارات والتقلبات، بكل شغف الصحفي المتتبع وصدق المواطن الغيور.

لكن الشغف لم يتوقف عند الكرة. مدينتي بنسليمان، بكل تفاصيلها الصغيرة وهمومها الكبيرة، كانت حاضرة في مقالاتي. تحدثت عن تحدياتها، عن التسيير المتعثر، عن غياب الرؤية، وعن طموح شبابها. تحدثت أيضًا عن الإقليم الذي أنتمي إليه، لا من موقع المحايد، بل من موقع المنتمي المصرّ على أن الصوت حين يُستخدم جيدًا يمكن أن يصنع فرقًا.

ولأن الإعلام ليس فقط رياضة وسياسة، كانت لي تجربة غنية هذا العام مع الاقتصاد الرياضي، مجال اخترت أن أخوض فيه بمقالات تبحث عن الربط بين الرياضة كظاهرة اجتماعية، والاقتصاد كرافعة تنموية. كتبت عن تأثير الأحداث الكبرى، وعن الاستثمار الرياضي، وعن التحولات التي يشهدها هذا القطاع في المغرب. كانت رحلة فكرية بقدر ما كانت مهنية، فتحت لي آفاقًا جديدة، وجعلتني ألتقي بتحفيزات من صحافيين ومتابعين ومهنيين لهم وزنهم وثقلهم… كلماتهم كانت كفيلة بأن تدفعني خطوات إضافية إلى الأمام.

وهنا، لا يمكنني نسيان لحظة خاصة جدًا، حفرت مكانها في القلب: حين تلقيت دعمًا وتحفيزًا مباشرًا في مدينتي بنسليمان من طرف الفنان الشرقي الساروتي، أحد الأصوات الصادقة التي تواكب وتدعم الشباب بدون حسابات. كانت تلك إشارة صغيرة، لكن أثرها كبير.

ثم جاء ختام السنة، وكأن القدر اختار أن يمنحني أجمل نهاية: التواجد في قلب كأس إفريقيا للسيدات داخل القاعة. لم تكن مجرد تغطية إعلامية، بل تجربة إنسانية كاملة. عشت كل لحظة بشغف، وكأنني أشارك في اللعب. كانت الكاميرا امتدادًا لقلبي، وكان القلم يكتب بحرارة العيون التي رأت المشهد. وعندما جاء التتويج، لم أتمالك نفسي… دموع الفرح اختصرت كل شيء. لم تكن دموع فوز، بل دموع اعتراف: أن الحلم ممكن.

اليوم، وأنا أطفئ شمعة جديدة، لا أحتفل بمرور عام فقط، بل ببداية نضج جديد. لم يعد الحلم بعيدًا كما كان… صار أقرب، أو ربما صار يرافقني بالفعل.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *