مباراة المنتدبين القضائيين… وهم التشغيل وتبديد المال العام

في دفعة جديدة لعام 2025، أعلنت وزارة العدل بالمملكة عن تنظيم مباراة لتوظيف المنتدبين القضائيين من الدرجة الثالثة، موزعة على 60 منصبًا فقط. لكن المفارقة الكبرى تظهر عندما نعلم أن عدد المترشحين وصل إلى 46,664 مترشحًا . هذا الإقبال الكبير يسلط الضوء على أزمة حقيقية: إقبال هائل، مقابل فرص ضئيلة جدًّا.
على المستوى الأول، تبدو المباراة مناسبة لتعزيز الكفاءات في قطاع العدالة، ولكن فرص الاستفادة محدودة للغاية. وفيما قد يُنظر إلى التنظيم على أنه يحرك مداخيل مؤقتة، من دروس خصوصية وتنقّل وشراء وثائق، فإن هذا النشاط باهت وسريع الزوال.
من الناحية المالية، من غير المقبول أن تُنفق ميزانية مهمة على لوجستيات الامتحان – استدعاءات، مراكز، مراقبة، تصحيح، تأمين، وغيرها – فقط لتوظيف 60 منتدبًا، بينما يعيش آلاف الشباب في بطالة مزمنة وفقدان الأمل.
هذه الحالة ليست فريدة؛ لكنها تجسيد منطقي لنمط إداري تقشفي يتبنى “التوظيف بالتقسيط”، ويقدم حلولًا حدودية لا ترتقي لطموحات الشباب ولا تواكب حاجيات الدولة. المغرب اليوم بحاجة إلى استراتيجية شاملة للتشغيل ترتكز على خلق مناصب حقيقية، ودعم المبادرات الذاتية، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
مباراة المنتدبين القضائيين لسنة 2025 تثبت أن التوظيف الموسمي لا يُعدّ سياسة اقتصادية ناجعة، وإنما وسيلة لإدارة ظهري تفتقر للرؤية والتخطيط. التشغيل حق، والمال العام مسؤولية؛ وليس مجالاً لإحياء وهم مؤقت.