ما كاينش دخان بلا نار: إسقاط على حكومة أخنوش

في الثقافة الشعبية المغربية، يُستخدم المثل الشهير “ما كاينش دخان بلا نار” للإشارة إلى أن كل ما يُثار من كلام أو شائعات غالبًا ما يكون له أساس من الحقيقة. قد تكون هذه الحكمة الشعبية مفتاحًا لفهم ما يعيشه المغاربة في ظل حكومة عزيز أخنوش، التي أثارت منذ توليها زمام الأمور جدلًا واسعًا على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
صعود أخنوش: وعود براقة أم دخان كثيف؟
عندما تولى عزيز أخنوش رئاسة الحكومة إثر الانتخابات التشريعية لسنة 2021، جاءت حكومته محملة بوعود كبيرة، أهمها تحسين الوضع الاقتصادي، وتوفير فرص الشغل، وإصلاح التعليم والصحة. هذه الوعود أثارت آمالًا عريضة لدى المغاربة، خاصة مع الدعم الذي حظيت به الحكومة بفضل الأغلبية المريحة في البرلمان.
لكن، بعد مرور أكثر من ثلاثة سنوات على تشكيل الحكومة، بدأت أصوات الانتقادات تتعالى، ليس فقط من المعارضة، بل حتى من الشارع المغربي. فهل كان ما وُعد به مجرد دخان أطلقته الحكومة لتغطية غياب رؤية حقيقية للإصلاح؟
الأزمات الاقتصادية: نار تُحرق جيوب المواطنين
إذا أردنا الحديث عن “النار” وسط “الدخان”، فإن أول ما يمكن الإشارة إليه هو الأزمة الاقتصادية التي يعيشها المواطن المغربي. فعلى الرغم من تعهد الحكومة بخفض كلفة المعيشة، شهدت أسعار المواد الغذائية والمحروقات ارتفاعًا غير مسبوق. شركات المحروقات، التي ترتبط بأسماء بارزة في الحكومة، كانت محور جدل كبير حول شبهات الاحتكار والمضاربة.
وهنا يبرز السؤال: هل يمكن أن تكون الاحتجاجات الشعبية، سواء في الشوارع أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مجرد دخان بلا نار؟ أم أن هذه الاحتجاجات هي انعكاس حقيقي لمعاناة المواطنين الذين يشعرون أن السياسات الحكومية لا تخدم سوى فئة ضيقة من النخبة الاقتصادية؟
_ غياب الشفافية: هل الحكومة تُخفي الحقائق؟
من بين الانتقادات الموجهة لحكومة أخنوش هو غياب الشفافية في التعامل مع قضايا حساسة. فعندما يتعلق الأمر بمصير المشاريع الكبرى، أو الطريقة التي تُدار بها الأموال العمومية، تبدو الحكومة وكأنها تكتفي بإطلاق وعود عامة دون تفاصيل دقيقة.
“ما كاينش دخان بلا نار” ينطبق هنا على الطريقة التي يتعامل بها الإعلام والمجتمع المدني مع هذه الملفات. كلما ظهرت أخبار عن صفقات مشبوهة أو سوء تدبير للمال العام، يظهر معها التساؤل عن مدى صحة هذه الادعاءات. وإذا كانت الحكومة تنفيها باستمرار، فإن غياب التواصل الفعال مع المواطنين يزيد من حدة الشكوك.
التعليم والصحة: الإصلاح المؤجل
من بين المحاور الرئيسية التي ركزت عليها حكومة أخنوش في برنامجها هو إصلاح التعليم والصحة. لكن الأوضاع على أرض الواقع تظهر أن القطاعات الحيوية ما زالت تُراوح مكانها. المستشفيات تعاني من نقص في الأطر والتجهيزات، والمدارس في العالم القروي تواجه تحديات كبرى، من نقص المعلمين إلى غياب البنية التحتية.
إذا كان المواطن المغربي لا يرى نتائج ملموسة في هذين القطاعين، فهل يمكن أن نقول إن الحكومة حققت تقدمًا؟ أم أن الدخان الذي تطلقه شعارات الإصلاح يهدف فقط إلى إخفاء النار الحقيقية التي تُحرق آمال الشعب؟
الخلاصة: ضرورة المحاسبة
“ما كاينش دخان بلا نار” مثل شعبي يلخص الكثير من الواقع المغربي في ظل حكومة أخنوش. فالأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد ليست وليدة الصدفة، بل هي نتيجة لسياسات تحتاج إلى مراجعة شاملة وجدية.
المغاربة ليسوا بحاجة إلى وعود جديدة أو خطابات سياسية براقة. ما يحتاجونه هو أفعال ملموسة تعيد لهم الثقة في المؤسسات وتخفف عنهم وطأة الأزمات. وفي النهاية، يبقى التحدي الأكبر أمام الحكومة هو أن تُثبت أن “الدخان” الذي يراه الناس ليس سوى بداية لإصلاح حقيقي، وليس مجرد غطاء لإخفاء نار الواقع المرير.