صبري: نظام قرعة الهجرة إلى امريكا ليس عشوائيا بل انتقائي موجه وبخلفيات سياسية

رغم ما رافق نظام قرعة للهجرة إلى أمريكا من خطاب وترويج و ودعاية من انه عشوائي محايد وموضوعي. وان الغاية الوحيدة التي يصبو لتحقيقها هو تعزيز تنوع المجتمع الأمريكي ، والاستفادة من الفرص التي تمنحها الهجرة.
فانه لم يكن كذلك منذ بداية سنه بمقتضى قانون 1990 وتطبيقه الفعلي 1995 بل انه نظام موجه ومتحكم فيه وبخلفيات تتجاوز الاجتماعي و الاقتصادي والثقافي الى السياسي.
ازعم ان نظام القرعة ليس عشوائيا بل هو نظام انتقائي ولفائدة هجرة مختارة وتفادي الهجرة المفروضة، لأنه يشترط حدا أدنى من التعليم ومجموعة من المواصفات والمؤهلات تحت طائلة الإقصاء.
و الغاية منه خدمة السوق الاقتصادية الأمريكية بواسطة فئة نشيطة وقابلة وجاهزة ومؤهلة لاكتساب مزيد من الخبرة العلمية و المهنية. ومن أجل تحقيق توازن في الهرم السكاني الأمريكي، وضمان حضور قوميات جغرافية متنوعة داخل المجتمع الأمريكي.
وهو بذلك نظام غير بريء بل موجه و بخلفية اجتماعية وسياسية؛ لأنه يستهدف دولا و مناطق وجهات جغرافية معينة ومحددة بذريعة انها مناطق تغيب أول تسجل حصة او نسبة منخفضة ومتدنية لعدد المهاجرين داخل امريكا خلال السنوات الخمس الماضية لكل موعد يحل .
ومن تم فالقانون يسعى لصناعة تنوع مجتمعي الأمريكي. و قد صنعت امريكا مجدها وقوتها ومناعة إمبراطوريتها على التنوع داخل الوحدة الواحدة .
و أزعم شخصيا ومن خلال تتبعي لهذا النظام وملاحظاتي الدقيقة للفئات التي تحظى أكثر بفرص الانتقاء انه نظام لا يخلو من خلفية سياسية ؛ فالادارة الأمريكية تسعى إلى استغلال هذا الأسلوب لجلب إثنيات معينة في بلدان محددة بغية التأسيس لخلق نخب بمثابة تيار او لوبي تستعمله في حالة الحاجة للتأثير في بلدان الأصل، وضمان الانتشار و الحضور الأمريكي الجغرافي في كل بلدان العالم.
وأعتقد ان نظام القرعة الأمريكي للهجرة هو نظامي اداري مؤسساتي لن يخضع لأية متغيرات في الحاضر كما في المستقبل القريب لأنه يخدم سياسة الدولة العميقة في أمريكا في تلبية حاجيات السوق الاقتصادية الأمريكية ، وتحقيق واستمرار توازن الهرم السكاني الأمريكي وخلق نخب لمهاجرين قادرين على التأثير في بلدان الأصل .
و هو بذلك تشريع لخطة يتجاوز في أبعاده وخلفياته السياسة رئاسة الرئيس الحالي دونالد ترامب لأنه يؤدي خدمات فضلى ويحقق أولويات واهداف بعيدا عن خطاب محاربة الهجرة غير النظامية او المفروضة التي يركز على مقاومتها ومحاربتها واعتمادها الرئيس الحالي لدعم مركزه الانتخابي.
صبري الحو محامي بمكناس
خبير في القانون الدولي قضايا الهجرة ونزاع الصحراء.
الرئيس العام لأكاديمية التفكير الاستراتيجي