المغرب بين سندان الغلاء ومطرقة الانتظار: حين يختنق المواطن بصمت الدولة

المغرب بين سندان الغلاء ومطرقة الانتظار: حين يختنق المواطن بصمت الدولة
بقلم:سعيد حفيظي

في وطنٍ يُشرق عليه شمس الأطلس وتغفو على رمال الصحراء، لا يزال المواطن المغربي يُصارع لأجل البقاء. لا رفاهية يُطالب بها، ولا ترفًا يلحّ عليه؛ بل يطلب قوت يومه، وكرامة حياته، وسقفًا لا تهدده ديون الكراء. هي معاناة يومية تتفاقم تحت عباءة حكومة وُعدت بـ”الدولة الاجتماعية”، لكن الواقع – على الأرض – يُخبر بحكاية مختلفة، مؤلمة، وصامتة.

غلاء مستعر… وجيوب فارغة

لم يكن المغربي يتخيّل أن يصبح الزيت سلعة فاخرة، وأن يقتني الطماطم كما لو كانت كافياراً، وأن يُفكّر ألف مرة قبل أن يملأ خزان سيارته. منذ وصول حكومة أخنوش، سجّلت الأسعار ارتفاعات قياسية لم تُواكبها أي زيادات حقيقية في الأجور. بين 2021 و2024، تضاعف ثمن المواد الغذائية الأساسية بنسب بلغت في بعضها أكثر من 80%، حسب تقرير المندوبية السامية للتخطيط.

وفي حديث مع أحد المواطنين من الدار البيضاء، قال:
“لم نعد نأكل كما نريد، بل كما تفرض علينا الأسعار… حتى الخبز لم يعد في المتناول.”

الصحة والتعليم… نزيفان لا يندملان

بين أسوار المستشفيات، ترقد أوجاع المواطن في انتظار طبيب، سرير، أو حتى جرعة دواء. قطاع الصحة ما زال يتخبط في العجز، رغم وعود “تعزيز المنظومة”. وفي المدارس العمومية، يتكدس التلاميذ في أقسام تشكو نقص الكراسي والمعلمين. واقع دفع %68 من المواطنين للتعبير عن عدم رضاهم عن التعليم والصحة، بحسب استطلاع رأي وطني.

الشباب… وقود الحلم المهاجر

في أزقة المدن وأطراف القرى، تتردد على لسان الشباب عبارة واحدة: “أريد فقط أن أغادر.”
الهجرة، سواء بطريقة شرعية أو قسرية، تحوّلت إلى أمل مريض ومطارد باليأس. البطالة بلغت 13% نهاية 2023، وفقًا لتقارير رسمية، لكن ما لا يُقال في الأرقام هو أن الشاب المغربي لم يفقد عمله فقط، بل فقد ثقته في الإصلاح، وفي الحلم.

حكومة بلا صوت… ومواطن بلا سند

أين الحكومة؟ سؤال يُطرحه المواطن كل صباح وهو يطالع فواتيره، وكل مساء وهو يعد ما تبقى من دخله. يبدو أن الوعود الانتخابية قد تبخرت مع أول موجة غلاء، وأن صوت الشعب – رغم الاحتجاجات – لا يجد صداه في القاعات المكيفة للسياسات العمومية.

ورغم تخصيص الحكومة أكثر من 14 مليار درهم لدعم التشغيل والحماية الاجتماعية، لا يزال المواطن البسيط يتساءل:
“أين أثر كل ذلك؟ لماذا لم يصلني شيء من هذا المبلغ؟”

صرخة بلا صدى؟

إن المغرب لا تنقصه الموارد، ولا تنقصه الكفاءات. ما ينقصه، بكل اختصار، هو إرادة سياسية تُنصت حقًا، وتُدبّر بضمير، وتُحاسب نفسها قبل أن يُحاسبها الشارع. فالشعوب لا تموت من الجوع فقط، بل من الإحباط، من القهر، ومن الانتظار الطويل الذي لا يأتي بعده تغيير.

ولعلّ التاريخ لن يرحم حكومة اختارت الصمت حين تكلم الشعب، ورفعت الشعارات حين انهارت القدرة الشرائية

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *