النسمة الرياضية السطاتية… فريق يُقاوم من أجل البقاء في زمن النسيان الرياضي
من يتأمل في واقع النسمة الرياضية السطاتية اليوم، سيدرك سريعاً أن الفريق لا يواجه خصوماً داخل الملعب فقط، بل يصارع منظومة كاملة تُهمّش كل ما يمتّ لمدينة سطات بصلة. فالنسمة، التي لطالما كانت مشروع أمل لشباب المدينة، أصبحت اليوم ملتقى كل الأزمات الممكنة: ظلم تحكيمي، خصاص مادي، غياب النقل، غياب البنية التحتية، وغياب الدعم المحلي بكل مستوياته. فريق يُصارع في صمت، بينما مدينته تكتفي بدور المتفرج.
من يستهدف النسمة؟ سؤال يتردد بقوة بين المحبين بعد سلسلة من القرارات التحكيمية المثيرة، خصوصاً في المباريات التي تُجرى داخل ملعب سطات. كل مقابلة تقريباً تُحمل معها لحظة ظلم واضحة؛ أخطاء مؤثرة، إنذارات مجانية، وقرارات تكسر إيقاع الفريق. جمهور النسمة بات يردد بمرارة: “ليس الفريق هو الذي يُهزم… بل العدالة الرياضية هي التي تغيب.”
وسط هذا الواقع، يعيش الفريق أزمة مالية خانقة. لا دعم محلي، لا التفاتة من المنتخبين، لا شراكات قوية، ولا رؤية لتطوير النادي. حتى أبسط شروط المنافسة—حافلة تنقل اللاعبين—تغيب! مشهد يختصر بؤس الكرة في مدينة سطات: مدينة بتاريخ كبير، لكن بمنظومة رياضية غارقة في الإهمال. فهل يُعقل أن يتنقل لاعبون يُمثلون مدينة بأكملها في سيارات خاصة أو وسائل نقل رديئة؟ أين هي المسؤولة الجماعية؟ أين هو الحس الرياضي؟ وأين هو الاعتراف بقيمة الفريق؟
أزمة الكرة في سطات ليست أزمة فريق فقط… بل أزمة مدينة غائبة عن السياسات الرياضية. ملعب واحد صالح لكل شيء إلا كرة القدم. أرضية مُهترئة، مرافق شبه غائبة، غياب الرؤية، وغياب مشاريع حقيقية للنهوض بالقطاع. كيف يمكن للشباب أن يحلموا بالكرة وهم يواجهون فراغاً رياضياً مخيفاً؟ وكيف سيولد لاعبون جدد إذا كانت المدينة نفسها لا تؤمن بالاستثمار في الرياضة؟
محبو الفريق يلخصون الوضع بكلمات بسيطة، لكنها جارحة:
“الفريق يعاني في صمت.”
“الفريق مستهدف.”
“لولا أبناءه لكان في خبر كان.”
وأبناء الفريق هنا ليسوا مجرد مشجعين، بل حراس الهوية الرياضية لسطات. أولهم بوشعيب الأومامي، الذي يتحرك بكل ما يملك من أجل أن يظل الفريق واقفاً. تضحياته ليست مجرد مبادرات عابرة، بل صمام أمان يمنع النسمة من السقوط في المجهول. رجال من هذا النوع هم الذين يُبقون الرياضة حيّة في المدن المنسية، لأنهم يشتغلون بقلبهم قبل أيديهم، وبحبهم قبل قدرتهم.
محبو النسمة يؤكدون اليوم أن الفريق لا يحتاج كلمات مواساة… بل يحتاج إنقاذاً. يحتاج دعماً حقيقياً، ملعباً لائقاً، رؤية جماعية، ومصالحة بين المنتخبين والواقع الرياضي. فسطات تستحق أكثر من هذا الغياب؛ مدينة بحجمها ومكانتها لا يمكن أن تعيش على فتات من المشاريع.
وإذا كان البعض يتساءل: “من ينقذ النسمة؟”
فالجواب الحقيقي هو: من ينقذ سطات كلها؟
الرياضة مرآة المجتمعات، وما تعيشه النسمة ليس سوى انعكاس لأزمة تنموية أعمق تعيشها المدينة. غياب المشاريع، غياب الاهتمام، غياب الطموح… كلها تجعل الفريق الرياضي ضحية طبيعية لهذا الفراغ.
اليوم، النسمة ليست مجرد فريق… بل قضية. قضية شباب يبحثون عن بصيص أمل. قضية مدينة تُحرم من حقها في الرياضة. قضية محبين يستنزفون طاقتهم من أجل دعم فريقهم. وقضية رجال مخلصين يواجهون العاصفة بلا سند ولا حماية.
الكرة في سطات اليوم تحتاج مشروعاً واضحاً، رؤية جماعية، ومصالحة بين المسؤول المحلي والواقع الميداني. تحتاج بنية تحتية تُحترم، ودعماً يُشبه حجم الفريق وإمكانات المدينة. تحتاج عدالة تحكيمية، ومسؤولين لا يختبئون خلف الصمت.
النسمة الرياضية السطاتية ليست مجرد اسم… إنها ذاكرة، وهوية، وتاريخ. وإنقاذها ليس مهمة تقنية أو مالية فقط، بل مسؤولية أخلاقية تجاه مدينة تُنادى من سنوات: “أعيدوا لنا الرياضة… أعيدوا لنا الحياة.”

